عن المدركة مع بقائها في الحافظة، والنسيان زوالها عنهما معا. فيحتاج في حصولها إلى سبب جديد. اه. فإن قيل:
كيف سها (ص) مع أنه لا يقع السهو إلا من القلب الغافل اللاهي؟ أجيب بأنه غاب عن كل ما سوى الله، فسها عن غيره تعالى واشتغل بتعظيم الله فقط. وما أحسن قول بعضهم:
يا سائلي عن رسول الله كيف سها * * والسهو من كل قلب غافل لاهي قد غاب عن كل شئ سره فسها * * عما سوى الله فالتعظيم لله (قوله: تسن سجدتان) أي إلا لامام جمع كثير يخشى التشويش عليهم بعدم سجودهم معه، وإنما لم تجب لأنه ينوب عن المسنون دون المفروض، والبدل إما كمبدله أو أخف منه، وأما قوله (ص): فليسجد سجدتين. فمصروف عن الوجوب لظاهر الخبر الآتي: وإنما وجب جبران الحج لأنه بدل عن واجب فكان واجبا. (قوله: وإن كثر السهو) أي تعدد، سواء كان في فرض أو نافلة، ما عدا صلاة الجنازة فلا يسن فيها، بل إن فعله فيها عامدا عالما بطلت صلاته.
وشمل ذلك ما لو سها في سجدة التلاوة خارج الصلاة فيسجد للسهو، ولا مانع من جبران الشئ بأكثر منه. ومثلها سجدة الشكر. (قوله: وهما) أي سجدتا السهو. وقوله: بينهما أي السجدتين. (قوله: كسجود إلخ) لو قال كسجدتي الصلاة والجلوس بينهما لكان أخصر. (قوله: واجباتها الثلاثة) المقام للاضمار. فالأولى في واجباتها وهي الطمأنينة، وأن يسجد على سبعة أعظم، وأن يستقر جالسا. (قوله: ومندوباتها) أي الثلاثة. وقوله: السابقة صفة لكل من الواجبات والمندوبات. (قوله: كالذكر فيها) تمثيل للمندوبات. أي كالذكر الوارد في الثلاثة، من التسبيحات ورب اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني واعف عني. (قوله: وقيل يقول) أي بدل الذكر الوارد. وقوله: فيهما أي في السجدتين فقط. (قوله: وهو) أي التسبيح المذكور. وقوله: لائق بالحال أي مناسب لحال الساهي. قال في التحفة: لكن، إن سها لا إن تعمد، لان اللائق حينئذ الاستغفار. اه. (قوله: وتجب نية إلخ) كالاستدراك من التشبيه السابق، لان مقتضاه عدم وجوبها، وهي واجبة على الامام والمنفرد دون المأموم. كما صرح به في التحفة، ونصها: وقضية التشبيه أنه لا تجب نية سجود السهو، وهو قياس عدم وجوب نية سجدة التلاوة، لكن الوجه الفرق، فإن سببها القراءة المطلوبة في الصلاة فشملتها نيتها ابتداء من هذه الحيثية. وأما سجود السهو فليس سببه مطلوبا فيها، وإنما هو منهي عنه، فلم تشمله نيتها ابتداء فوجبت، أي على الامام والمنفرد دون المأموم كما هو واضح، لان أفعاله تنصرف لمحض المتابعة بلا نية منه. وقد أمر أنه يلزمه موافقته فيه وإن لم يعرف سهوه، فكيف تتصور نيته له حينئذ. اه بحذف. (قوله: بأن يقصده) أي السجود بقلبه، ولا يجوز له أن يتلفظ بما قصده، فلو تلفظ به بطلت صلاته. كما استوجهه في التحفة والنهاية وعلله بعدم الاضطرار إليه. وقوله: عن السهو أي وعما تعمده من الترك. وقوله: عند شروعه فيه يعني أن النية تجب مقارنتها للشروع في السجود إذ لا تكبير فيه للتحرم حتى يجب قرنها به. (قوله: لترك بعض) أي يقينا كما يدل عليه قوله الآتي ولشك فيه. وإنما سن السجود حينئذ لان الابعاض من الشعائر الظاهرة المختص طلبها بالصلاة. (قوله: ولو عمدا) الغاية للرد على من يقول بعدم سجوده حين إذ تركه عمدا لتقصيره بتفويته السنة على نفسه. قال في التحفة: وردوا هذا القيل بأن خلل العمد أكثر فكان إلى الجبر أحوج، كالقتل العمد بالنسبة إلى الكفارة. اه. (قوله: فإن سجد إلخ) مفهوم قوله لترك بعض. وقوله: لترك غير بعض أي من الهيئات، كتسبيحات الركوع والسجود، وتكبيرات الانتقالات، وقراءة السورة والتعوذ ودعاء الافتتاح. وقوله: عالما عامدا خرج به ما إذا سجد جاهلا بعدم سنية السجود لترك الهيئات، أو ناسيا ذلك، فإنه لا تبطل صلاته، لكن يحصل بهذا السجود خلل في الصلاة فيجبره بسجود آخر، لأنه لا يجبر نفسه وإنما يجبر ما قبله وما بعده وما فيه. وصورة جبره لما قبله أن يتكلم كلاما قليلا ناسيا ثم يسجد. وصورة جبره لما بعده أن يسجد