إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢١٨
وينبغي حمل الثاني على ما إذا اشتد الامر. ويؤيده ما في مسلم من رفعه (ص) يديه في الاستسقاء حتى رؤي بياض إبطيه.
وحكمة الرفع إلى السماء أنها قبلة الدعاء، ومهبط الرزق والوحي والرحمة والبركة. اه‍. (قوله: ومسح الوجه بهما) أي وسن مسح الوجه بيديه، أي كفيه. وقوله: بعده أي الدعاء. (قوله: واستقبال القبلة) أي وسن استقبال القبلة، أي للاتباع. (قوله: إن كان) أي الداعي الذي فرغ من صلاته. (قوله: الذي هو) أي القيام. وقوله: أفضل له أي للامام.
ومحل ذلك إذا لم يكن خلفه نساء. وقال ابن العماد: إن جلوسه في المحراب حرام لأنه أفضل بقعة في المسجد، فجلوسه هو أو غيره فيه يمنع الناس من الصلاة فيه، ولا يكون إمام المصلين فيشوش عليهم. وزيفه ابن حجر في شرح العباب بمنع كون المحراب أفضل، وبأن للامام حقا فيه حتى يفرع من الدعاء والذكر المطلوبين عقبها. (قوله: فالأفضل جعل يمينه إلى المأمومين) أي في غير محراب المسجد النبوي، أما هو فيجعل يمينه إليه تأدبا معه (ص). هذا معتمد الجمال الرملي، وأما معتمد ابن حجر فهو يجعل يمينه إلى المأمومين وإن كان في المسجد النبوي. قال: كما اقتضاه إطلاقهم. ويؤيده أن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم كانوا يصلون بمحرابه (ص) ولم يعرف عن أحد منهم خلاف ما عرف منه، فبحث استثنائه فيه نظر وإن كان له وجه وجيه، لا سيما مع رعاية أن سلوك الأدب أولى من امتثال الامر. واستثناه الدميري مع الكعبة المشرفة فقال: إنه يستقبلها وقت الدعاء. وقد نظم ذلك فقال:
وسن للامام أن يلتفتا بعد الصلاة لدعاء ثبتا ويجعل المحراب عن يساره إلا تجاه البيت في أستاره ففي دعائه له يستقبل وعنه للمأموم لا ينتقل وإن يكن في مسجد المدينة فليجعلن محرابه يمينه لكي يكون في الدعا مستقبلا خير شفيع ونبي أرسلا (قوله: ولو في الدعاء) أي الأفضل جعل يمينه إلخ ولو في حالة الدعاء. (قوله: وانصرافه) أي الامام من مصلاه الذي هو أفضل. وقوله: لا ينافي إلخ فيه أنه لا يتم هذا إلا لو عبر كغيره ببعدها بدل عقبها، إلا إن يقال إنه في كل شئ بحسبه. والمراد بالعقبية هنا أن لا يتكلم بعد الصلاة بغيرهما، وإن قام من مصلاه وجلس في غيره. وقوله: الذي ينصرف إليه أي الذي ينتقل إليه. ومقتضى هذا أن جميع الأذكار في سائر الأوقات يقرؤها في المحل المنتقل إليه. ثم رأيت في سم ما نصه: ينبغي أن يستثنى من ذلك الأذكار التي طلب الاتيان بها قبل تحوله. ثم رأيته في شرح العباب قال:
نعم، يستثنى من ذلك - أعني قيامه بعد سلامه - الصبح، لما صح: كان (ص) إذا صلى الصبح جلس حتى تطلع الشمس. واستدل في الخادم بخبر: من قال دبر صلاة الفجر، وهو ثان رجله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
الحديث السابق، قال: ففيه تصريح بأنه يأتي بهذا الذكر قبل أن يحول رجليه. ويأتي مثله في المغرب والعصر لورود ذلك فيهما. اه‍. (قوله: ولا يفوت) أي الذكر، بفعل الراتبة فيه، أنه لا يتم ذلك إلا لو عبر ببعدها بدل عقبها، كما علمت.
وعبارة التحفة: على أنه يؤخذ من قوله بعدها أنه لا يفوت بفعل الراتبة. اه‍. وقوله: بفعل الراتبة قال سم: ظاهره وإن طولها، وفيه نظر إذا فحش التطويل بحيث صار لا يصدق على الذكر أنه بعد الصلاة. وقد يقال وقوعه بعد توابعها وإن طالت لا يخرجه عن كونه بعدها. اه‍. (قوله: وإنما الفائت به كماله) يفيد أن الأفضل تقديم الذكر والدعاء على الراتبة.
اه‍ سم. (قوله: وقضية كلامهم) أي الفقهاء. (قوله: ونظر فيه) أي في حصول الثواب مع جهل المعنى. (قوله: ولا
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست