إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
فصل في الأذان والإقامة أي في بيان حكمهما وشروطهما وسننهما.
(قوله: هما لغة: الاعلام) فيه أن الاذان فقط لغة: الاعلام. قال تعالى: * (وأذن في الناس بالحج) * أي أعلمهم به. وأما الإقامة فهي لغة: مصدر أقام، أي حصل القيام. فهما مختلفان لغة، كما في التحفة والنهاية والمغنى. فكان الأولى أن يزيد. وتحصيل القيام. ويكون على التوزيع الأول للأول والثاني للثاني. ثم رأيت في فتح الجواد مثل ما ذكره الشارح فلعله تبعه في ذلك. ولكن الايراد باق ويكون عليهما.
واعلم أن الأذان والإقامة من خصوصيات هذه الأمة، كما قال السيوطي. وشرعا في السنة الأولى من الهجرة، كما في ع ش. وهما مجمع عليهما. والاذان أفضل من الإقامة وإن ضمت إليها الإمامة على الراجح. فإن قيل: إنه (ص) كان يؤم ولم يؤذن. أجيب: بأنه عليه السلام كان مشغولا بما هو أهم، أو أنه لو أذن لوجب الحضور على كل من سمعه. وإنما كان الاذان أفضل من الإمامة لأنه ورد أن المؤذن أمين والامام ضمين، والأمين أشرف. وسيأتي الكلام على ذلك.
واختلفوا في كيفية مشروعيتهما، فقيل: فرضا كفاية لأنهما من الشعائر الظاهرة، وفي تركهما تهاون بالدين، وعليه فيقاتل أهل بلد تركوهما. والأصح أنها سنة عين للمنفرد وكفاية للجماعة، كالتسمية عند الاكل وعند الجماع، والتضحية من أهل بيت، وابتداء سلام، وتشميت عاطس، وما يفعل بالميت من المندوب. وقد نظم سنن الكفاية بعضهم بقوله:
أذان وتشميت وفعل بميت إذا كان مندوبا وللاكل بسملا وأضحية من أهل بيت تعددوا * وبدء سلام والإقامة فاعقلا فذي سبعة إن جابها البعض يكتفي ويسقط لوم عن سواه تكملا (قوله: وشرعا) معطوف على لغة. وقوله: ما عرف من الألفاظ المشهورة وهي: الله أكبر الله أكبر، إلخ. وهي كما قال القاضي عياض: كلمات جامعة لعقيدة الايمان، مشتملة على نوعيه العقلية والسمعية، فأولها فيه إثبات ذاته تعالى وما تستحقه من الكمال، بقوله: الله أكبر. أي أعظم من كل شئ. ثم الشهادة بالوحدانية له تعالى بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وبالرسالة لسيدنا محمد (ص) بقوله: أشهد أن محمدا رسول الله. ثم الدعاء إلى الصلاة بقوله: حي على الصلاة. أي أقبلوا عليها ولا تكسلوا عنها، فحي اسم فعل أمر بمعنى أقبلوا. ثم الدعاء إلى الفلاح بقوله: حي على الفلاح. أي أقبلوا على سبب الفلاح وهو الفوز والظفر بالمقصود، وسببه هو الصلاة. فهو تأكيد لما قبله بعد تأكيد وتكرير بعد تكرير، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء لتضمن الفلاح لذلك. ثم كرر التكبير لما فيه من التعظيم له تعالى، وختم بكلمة التوحيد لان مدار الامر عليه، جعلنا الله وأحبتنا عند الموت ناطقين بها عالمين بمعناها. وقوله:
فيهما أي في الأذان والإقامة.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست