فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٨
المبتدأة التي لا تمييز لها وهي التي يكون جميع دمها من نوع واحد ينظر في خالها أن لم تعرف وقت ابتداء دمها فحكمها حكم المتحيرة لان مردها على ما سيأتي يترتب في كل شهر على أول مفاتحة الدم فإذا كان ذلك مجهولا لزم التحير وان عرفت وقت الابتداء وهي الحالة المرادة في الكتاب ففي القدر الذي تحيض فيه قولان أصحهما انها تحيض أقل الحيض وهو يوم وليلة لان سقوط الصلاة عنها في هذا القدر مستيقن وفيما عداه مشكوك فيه فلا تترك اليقين الا بيقين أو أمارة ظاهرة كالتمييز والعادة والثاني ترد إلى غالب عادات النساء وهو ست أو سبع لأن الظاهر اندراجها في جملة الغالب وقد روى أن حمنة بنت جحش قالت (كنت استحاض حيضة شديدة فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي فإذا رأيت انك قد طهرت فصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي وصلي فان ذلك يجزئك) وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال (تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء ويطهرن ميقات حيضهن وطهرهن) فقال جماعة من الأصحاب منشأ القولين الذين ذكرناهما تردد الشافعي رضي الله عنه في أن حمنة كانت مبتدأة أو معتادة ان قلنا كانت معتادة رددنا المبتدأة إلى الأقل اخذا باليقين ومن قال بهذا قال لعله عرف من عادتها انها أحد العددين الغالبين اما الست أو السبع لكن لم يعرف عينه فلذلك قال تحيضي ستا أو سبعا وان قلنا كانت مبتدأة رددنا المبتدأة إلى الغالب وقوله في علم الله أي فيما علمك الله من عادتك ان قلنا كانت معتادة ومن غالب عادات النساء ان قلنا كانت مبتدأة فان فرعنا على القول الثاني فهل الرد إلى الست أو السبع على سبيل التخيير بينهما أم لا فيه وجهان أحدهما انه على التخيير لظاهر الخبر فتحيض ان شاءت ستا وان شاءت سبعا ويحكي هذا عن شرح أبى اسحق المروزي وزعم الحناطي انه أصح الوجهين والثاني وهو الصحيح عند الجمهور انه ليس على التخيير ولكن تنظر في عادات النساء أهن يحضن ستا أو سبعا ومن النسوة المنظور إليهن فيه ثلاثة أوجه أظهرها ان الاعتبار بنسوة عشيرتها من الأبوين جميعا لان طبعها إلى طباعهن أقرب فإن لم يكن لها عشيرة فالاعتبار بنساء بلدها والثاني ان الاعتبار
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست