الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ١٢٥
باب القول في قصر الصلاة وفي كم تقصر قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه إذا عزم المسافر على سفر بريد وهو اثنا عشر ميلا قصر حين يخرج من منزله، وتتوارى عنه بيوت أهله، فإذا نوى المسافر المقام في بعض ما مر به من البلاد عشرا أتم الصلاة، وإن لم ينو مقام عشر وأقام في بلد، يقول اليوم أخرج أو غدا أخرج قصر الصلاة حتى يستتم شهرا في شكه ذلك، فإن دام شكه من بعد قصر شهر أتم، ولو أقام بعد الشهر يوما واحدا، والقصر فهو يقع فيما كان أربعا من الصلوات ولا يقع فيما دون الأربع من الثلاث، لان القصر هو تنصيف الصلاة وتنصيفها فهو أن يصلي في السفر نصف ما كان يصلي في الحضر منها، والثلاث فلا نصف لها يوقف عليه، ولا يؤدي فرض الله منها فيه فلذلك لم تقصر، وكذلك الصبح لم تقصر لأنها اثنتان وليس فيما دون الاثنتين من الصلاة صلاة يفهم لها عدد في فريضة ولا نافلة، وفي ذلك ما أجمع عليه آل الرسول صلى الله عليه وآله من أن صلاة نوافل الليل والنهار مثنى مثنى وليس فيما دون المثنى صلاة تصلى، فلذلك لم يقع القصر في الصبح فأما قول من يقول إنه لا قصر إلا في خوف فلا يلتفت إليه ولا يعمل أحد عليه، بل القصر فرض من الله على كل مسافر سافر في بر أو بحر، في بر أو فجور، لان أول ما افترض الله من الصلاة على المؤمنين افترضها سبحانه ركعتين عليهم ثم زاد فيها ركعتين آخرتين فجعلها أربعا في الحضر، وأقرها على فرضها الأول ركعتين في السفر، فصار للسفر فرض يجب أداؤه على المسافر، وصار للحضر فرض يجب إتمامه على الحاضر، فالمتم في سفره كالقاصر في حضره لان المتم في السفر لم يأت بما افترض الله عليه من فرضه،
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست