الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٨٧
يمنعه مما جعل لغيره من جميع عبيده؟! فلا بد لهم من القول: بأحد ثلاثة معان: إما أن يقولوا: إن الله عز وجل أطلق للمسلمين وأجاز، وأحل نكاح الذميات اليهوديات والنصرانيات، فيلزمهم أن يورثوهن من أزواجهن ويورثوا أزواجهن منهم ويورثوا من كان من أبنائهم ما لهن، ويورثوهن من أبنائهن ما سمى الله لهن، أو ينسبوا الظلم إلى إلههم، ويقولوا به في خالقهم، إذ كانوا يزعمون أنه أطلق لهم نكاح الذميات واستيلادهن، وجعلهن زوجات كغيرهن، وأوجب لهن مهور مثلهن، وأوجب العدتين عليهن، ثم حجبهن الله تعالى عن ذلك عن ميراث أزواجهن وأولادهن، وحجب أزواجهن وأولادهن عن وراثة مالهن، وقد أطلق لغيرهم الوراثة، ثم منعهم هم الوراثة، عن غير جرم اجترموه، ولا عصيان افتعلوه، بل الأزواج فعلوا ما أجاز الله سبحانه وأطلق لهم، والأولاد فهو عز وجل أوجدهم وخلقهم، ولا ذنب لهم فيما أطلق وفعل غيرهم. أو أن يرجعوا إلى الحق فيقولوا إن الله عز وجل لم يجعل، ولم يطلق ولم يجز ولم يخلق ما قالوا عليه به من الامر بنكاح الذميات، كما أذن وأمر بنكاح المسلمات، فيكونوا في ذلك مصيبين، ولربهم تعالى غير مجورين، ولو كان ذلك شيئا أطلقه الله سبحانه وتعالى عن كل شأن شأنه، لذكر مواريثهم في الكتاب بتحريم أو غير ذلك من الأسباب كما ذكر غيرها مما هو لا شك دونها، ولذكر ذلك الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشرعه وأبانه لأهل الاسلام، وكيف لا يكون لو كان يقول الجاهلون تفسيره في الكتاب والسنة يعلمه العالمون، والله يقول ذو الجلال والسلطان فيما نزل على نبيه من الدلائل والفرقان: (ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون) (70) وهذا فأعظم ما يحتاج إليه

(70) الانعام 38.
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست