الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
من موافقتها ألا تسمع كيف يقول سبحانه: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة﴾ (٧٢) يقول سبحانه: ولن تستطيعوا أن تساووا بينهن في المحبة أبدا، ولو جهدتم جهدكم، إذ هن مختلفات في أعينكم وموافقتكم وقلوبكم، فلم يكلفكم المساواة بينهن في المحبة لهن، كما كلفكم المساواة بينهن في غير ذلك من أمرهن، لأنه علم سبحانه أن ذلك مما لا تقدرون عليه، ولا تستطيعون أبدا المصير إليه ولن يكلف الله عز وجل عباده ما لا ينالونه ولا يقدرون عليه ولا يطيقونه ألا تسمع كيف يقول ذو الجلال والاكرام والطول: ﴿لا يكلف الله نفسا وإلا وسعها﴾ (٧٣) ويقول ﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾ (٧٤) ويقول عز وجل: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ (٧٥) ويقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: ﴿وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين﴾ (76) يريد ما جعل عليكم في الدين والتحقيق من عسر ولا تشديد ولا تضييق، ولعمر العماة المتجبرين، والغواة المبطلين، ما من ضيق ولا عسر ولا تكليف لما لا يطاق من الامر أشد من هذا لو كان كما يقول الجاهلون وينسب إلى الله عز وجل الظلمة الضالون، بل كلف سبحانه يسيرا وأعطى على كل قليل كثيرا، ولم يجز لعباده من ذلك أمرا، بل أحدث لهم عنه نهيا وزجرا، فتعالى عن ذلك الكريم ذو الجبروت المتفضل ذو الرأفة والملكوت، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وسلام على المرسلين.

(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست