الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٨٤
الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيبغون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) (٦٧) فتوهم أن طعام أهل الكتاب الذي لهم رب الأرباب، هو ذبائحهم التي يذبحون، ولغير قبلة الاسلام بها يتوجهون، وظنوا أن المحصنات اللواتي أطلق نكاحهن هن المقيمات على دينهن وكفرهن، وليس ذلك كما ظنوا وتوهموا، ولا على ما قالوا وذكروا، بل الطعام الذي أحل الله عز وجل، لأهل الاسلام هو ما لا تقع عليه الذكاة من طعامهم، مثل الحبوب وغير ذلك من إدامهم، وكذلك المحصنات من أهل الكتاب، فهن المؤمنات التائبات المسلمات اللواتي قد رجعن إلى الحق وقلن في الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصدق، ودخلن في الايمان، وتركن ما كن عليه من الباطل والجحدان، فأطلق الله سبحانه للمؤمنين نكاحهن من بعد توبتهن وإيمانهن ودعاهن في هذه (*) الحال بالكتاب وإن كن قد آمن بالله عز وجل وصدقن برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما دعى من آمن من أهل الكتاب في غير هذا المكان بما كان فيه أولا من أهل الكتاب فقال سبحانه: ﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب﴾ (68) فسماهم بالكتاب، ونسبهم إليه، وهم خارجون مما كانوا فيه تائبون، وإلى الله عز وجل من ذلك منيبون، وبرسوله وما أنزل الله سبحانه على لسانه مصدقون، فهذا معنى ما قال الله جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله

(٦٧) آل عمران ٧.
(*) في نسخة (ودعاهن في هذه الآية بالكتاب).
(٦٨) آل عمران ١٩٩.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست