كبدها ونشأ في حجرها، لم تتغير أمه عن حالها التي كانت أولا عليها ولم ينتقل ابنها من الحال التي هو فيها، أفيحرمان الميراث لحدث أحدثاه؟ أو لسبب بعد اجتماعهما اكتسباه؟ وقد يعلم أن الله سبحانه عدل، لا يجوز في كبير ولا صغير من الأمور فهل يجوز على الله في عدله وجلاله ورحمته ومحاله أن يطلق لأبي هذا الغلام نكاح أمه، ويخرجه منها، ويجعله ولدها، ثم يمنعه ميراثها، ويحرمه مالها، ولم يكن منه انتقال ولا منها، ولا تحرف عن دينه ولا دينها، الذي أباح لأبيه عليه وفيه نكاحها، وأحل له مقاربتها، وأجاز له مضاجعتها، والبذر في موضع حرثها، وسوغه ذلك، وجعل نكاحه لها نكاحا جائرا حلالا سائغا، حتى إذا فعل ما أجاز الله سبحانه له من ذلك، وأخذ ما أطلق له ربه كذلك، فغشيها بأمر خالقه، وأولدها ما رزقه الله عز وجل من ذريته، حجب الله سبحانه ولدها عن مالها، وحرمه أكل ميراثها، وقد ورث غيره من أمه وجعل لامه نصيبا في ماله، وأنزل ذلك مفسرا في القرآن، وبينه في الوحي غاية البيان، فأعطى غيره وحرمه على غير شئ اجترمه، ولا حدث أحدثه، فتعالى الله عما يقول الجاهلون، وينسب إليه المبطلون؟! بل الله عز وجل أطلق في قولهم وأجاز في أصل زعمهم ومذهبهم لأبي هذا الغلام نكاح من ليس من أهل الاسلام، فنكح ما أطلق الله سبحان له، وبذر فأخرج الله بذره في الحرث الذي رزقه ووهبه، فلم يتعد ما به أمر، ولم يخرج إلى ما منه حذر، ولم يغش ما عنه زجر، بل هو على الطريق المستقيم، وهو في ذلك كله مرض للإله الكريم، فهل يجوز على الله سبحانه في عدله وجوده وكبريائه أن يطلق لعبده نكاح أمة حرة من إمائه، ثم يحرمه ميراثها، ويحرم ذلك ولدها، الذي جعله الله سبحانه من أبيه ومنها، وأخرجه مما أمر به من النكاح، لا مما حرم من السفاح، ثم
(٣٨٦)