الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٧١
الحكم في ذلك أن ينظر في هبتها له العبد، فإن كانت وهبته له على طريق صلة الرحم إن كان بينهما رحم، أو كانت وهبته له لوجد الله سبحانه أو طلبا لثوابه قاصدة به إلى الله فهذه هبة مبتوتة لا سبيل لها إلى الرجعة فيها، وللزوج إن أحب أن يرجع عليها بنصف قيمة العبد لان العبد كان صداقا لها، وإن كانت وهبته العبد اصطناعا له، واستمالة لقلبه وتحظيا إليه وطلبا لاحسانه فلم تر من ذلك شيئا وفارقها، فهي بالخيار في هبتها إذا لم تكن طلبت بها وجه الله إن شاءت رجعت فيها، وإن شاءت تركتها، وإن رجعت كان ذلك لها، وهذا مثل من وهب هبة يطلب بها عوضا، فحرم ذلك العوض الذي قصد بهبته ما وهب لطلبه، فله أن يرجع في هبته إذا حرم ما طلب بذلك من عوضه، فإذا كانت هبتها لزوجها ما وهبت لطلب إحسانه واستعطافه لم يرجع الزوج عليها بشئ من الصداق، والعبد إن طلبته مردود عليها وله عليها نصف قيمته ولها نصفه بحكم الله تعالى. فإن تزوجها على مائتي درهم فقبضتها منه ثم وهبتها له، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، وقد استهلك المائتي الدرهم أو لم يستهلكها فكل ذلك واحد في الحق كان له في الحكم أن يرجع عليها بمائة درهم إن كانت وهبته مهرها طلبا لوجه الله تعالى أو صلة لرحمه، لأنها قد قبضت منه الصداق كله، وفارقها قبل الدخول بها فليس يجوز لها من المهر الا نصفه كما حكم الله لها فيه إلا أن يعفو زوجها عن النصف الباقي، فإن لم يعف فهو له، وهبتها لزوجها ما قد قبضته منه استهلكه أو لم يستهلكه كهبتها لغيره، فعليها أن ترد عليه نصف ما أخذت من المهر، إذا كانت وهبته ذلك لوجه الله وطلب ثوابه، فإن كانت وهبته ذلك طلبا لاحسانه واستعطافا لله فهي بالخيار ولها أن ترجع عليه فتأخذ منه نصف المهر.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست