العروة الوثقى - السيد محمد صادق الروحاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
تحصيل شرائط قبولها ورفع موانعه، فان الصحة والاجزاء غير القبول، فقد يكون العمل صحيحا ولا يعد فاعله تاركا، بحيث يستحق العقاب على الترك، لكن لا يكون مقبولا للمولى، وعمدة شرائط القبول اقبال القلب على العمل، فإنه روحه، وهو بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلا في جميعه فتمامه مقبول، والا فبمقداره، فقد يكون نصفه مقبولا، وقد يكون ثلثه مقبولا، وقد يكون ربعه، وهكذا، ومعنى الاقبال ان يحضر قلبه ويتفهم ما يقول، ويتذكر عظمة الله تعالى، وأنه ليس كسائر من يخاطب ويتكلم معه، بحيث يحصل في قلبه هيبة منه، وبملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة حياء، وحالة بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى، وللاقبال وحضور القلب مراتب ودرجات، وأعلاها ما كان لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة ولا يحس به، وينبغي له أن يكون مع الخضوع والخشوع والوقار والسكينة، وأن يصلي صلاة مودع، وأن يجدد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يكون صادقا في أقواله، كقوله: (إياك نعبد وإياك نستعين) وفي سائر مقالاته، وأن يلتفت أنه لمن يناجي وممن يسأل ولمن يسأل وينبغي أيضا أن يبذل جهده في الحذر عن مكائد الشيطان وحبائله ومصائده التي منها ادخال العجب في نفس العابد، وهو من موانع قبول العمل، ومن موانع القبول أيضا حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة، ومنها الحسد والكبر والغيبة، ومنها أكل الحرام، وشرب المسكر، ومنها النشوز والإباق، بل مقتضى قوله تعالى: (انما يتقبل الله من المتقين) عدم قبول الصلاة وغيرها من كل عاص وفاسق، وينبغي أيضا ان يجتنب ما يوجب قلة الثواب والاجر على الصلاة، كان يقوم إليها كسلا ثقيلا في سكرة النوم أو الغفلة، أو كان لاهيا فيها أو مستعجلا أو مدافعا للبول أو الغائط أو الريح، أو طامحا ببصره إلى السماء، بل ينبغي أن يخشع ببصره شبه المغمض للعين، بل ينبغي أن يجتنب كل ما ينافي الخشوع، وكل ما ينافي الصلاة في العرف والعادة، وكل ما يشعر بالتكبر أو الغفلة، وينبغي أيضا أن يستعمل ما يوجب زيادة الاجر وارتفاع الدرجة
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»