وحجة الثانى: هو ما ذكرنا فى رد حجة الاول. مضافا الى ما بيناه سابقا من كفاية الاجازة فيما لو ملك الفضولى المبيع بعد العقد. بل هنا اولى بالصحة لتحقق الملك حال العقد. مع انه ليس بأقل من بيع الغاصب، وقد بينا صحته بالاجازة.
وحجة الاحتمال الثالث: انه انما قصد نقل الملك عن الاب لا عنه. ولأنه وان كان منجزا فى الصورة، فهو فى المعنى معلق. والتقدير " ان مات مورثى فقد بعتك ". و لأنه كالعابث عند مباشرة العقد، لأعتقاد ان المبيع لغيره. هكذا ذكر فى الايضاح. وفيه ما فى الاول، فأن ذلك هو معنى الفضولى، وقد اثبتنا صحته موقوفا. واما الثانى، ففيه انه خلاف المفروض، و مناقض للأول. نعم ان فرض هكذا فله وجه اذا ابطلنا مطلق التعليق فى العقود. واما الثالث، ففيه مع ورود المنع الواضح، انه مناقض للأولين.
ومنها: ما لو باع الواهب الموهوب فى الهبة الجايزة، كالهبة الغير المعوضة للأجنبى. ففيه قولان: البطلان، بمعنى عدم اللزوم، لا عدم قابليته للاجازة ايضا، وهو مختار الشرايع، و دليله انه بيع وقع فى ملك الغير. وليس مسبوقا بالفسخ حتى يرد البيع على ملكه وان قلنا ان البيع فسخ كما نقل الاتفاق عليه، فغاية الامر ان البيع سبب لفسخ الهبة، فقبله لا فسخ و بعده لا بيع. فالبيع سابق على الملك ولم يقع فى الملك. والصحة. وهو مختار العلامة فى القواعد و ولد فى الايضاح والشهيد الثانى. وقد يستدل عليه بوقوع الفسخ والبيع بتحقق واحد. والمفروض ان الفسخ يحصل بالعقد اتفاقا، فلو كان فاسدا لم يؤثر فى الفسخ. وهو فى غاية الضعف اذ الدلالة على الفسخ لا يستلزم الصحة. بل كل ما دل على الفسخ يكفى.
وقد توجه الصحة بأن العقد كاشف عن سبق الفسخ، لأن المعتبر فيه هو الرضا الباطنى، واللفظ دال عليه، فوقع البيع بعد الفسخ. ولا منافاة بين كونه بيعا و دالا على الفسخ السابق. وله وجه. وذكر فى الايضاح وجها آخر، وهو انه يؤول جزء منه بتفسخ الهبة فيبقى المحل قابلا لمجموع العقد. ولعله مبنى على المسامحة فى الفاظ البيع. او مراده ايضا هو التوجيه السابق.
وقد ذكر فى المسالك وجها آخر للصحة. وهو انه اذا تحقق الفسخ بهذا العقد