واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٥٥
الناس بالخروج معه على المنصور العباسي (1) ولما انتهت ثورة إبراهيم بقتله سنة (145 ه‍) تولى الإمام أبو حنيفة - وبنفس السنة المذكورة - مهمة الإشراف على ضرب اللبن وعد لبناء مدينة بغداد بأمر المنصور العباسي (2).
ولا شك أنه كان كارها لذلك، ولكنه اتقى المنصور في هذا العمل الذي أنيط له من قبل المنصور الذي علم بموقف أبي حنيفة من إبراهيم، فحاول أن يجد مبررا لقتله، ولكن الإمام عرف ذلك منه فاتقاه في هذه المشاركة.
الموقف الخامس - في قبوله قضاء الرصافة:
ذكرنا ان أبا حنيفة كان يأبى تولي أي منصب من مناصب الدولتين الأموية والعباسية، ولكن في رواية الخطيب البغدادي (ت / 463 ه‍)، وابن خلكان (ت / 681 ه‍) ان أبا حنيفة قد جلس في القضاء في آخر أيام حياته بعد الضغط الشديد عليه، بحيث لم يجد من ذلك مفرا.
فقد ذكرا ان المنصور لما أتم مدينة بغداد، أرسل إلى أبي حنيفة وعرض عليه قضاء الرصافة، فأبى، فقال المنصور: إن لم تفعل ضربتك بالسياط!!
قال أبو حنيفة: أوتفعل؟
قال: نعم.
فقعد أبو حنيفة في القضاء يومين، فلم يأته أحد... فلما مضى يومان اشتكى أبو حنيفة ستة أيام ثم مات (3).

(١) العبر في خبر من غبر / الذهبي ١: ١٥٥ - في حوادث سنة (١٤٥ ه‍).
(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤٥٩ - في حوادث سنة (145 ه‍).
(3) تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي 13: 329، ووفيات الأعيان / ابن خلكان 5: 47.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»