واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٥٠
قال المنصور: أجل، ولكن تحلف لي ليطمئن قلبي!!
قال عمرو: لئن كذبتك تقية لأحلفن لك تقية.
قال المنصور: والله، والله أنت الصادق البر (1).
أقول: إن في هذه المحاورة دليلا على إيمان المنصور بالتقية أيضا، فضلا عن تصريح عمرو بن عبيد بها. إذ لو كانت التقية محرمة، لأبدى المنصور معارضته، ولقال - مثلا -: كيف تحلف بالله باطلا؟
54 - تقية جمع من التابعين سنة (145 ه‍):
روى الطبري (ت / 310 ه‍)، وابن كثير (ت / 774 ه‍) ما يدل على تقية جمع كبير من التابعين وغيرهم، وذلك في إرضائهم المنصور بالنيل من رجل حسني بعد قتله وهو إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، الذي قتله المنصور لخمس بقين من ذي القعدة سنة / 145 ه‍.
قال الطبري، وتابعه ابن كثير: إن المنصور العباسي لما اتي برأس إبراهيم بن عبد الله، وضعه بين يديه، وجلس مجلسا عاما، وأذن للناس، فكان الداخل يدخل فيسلم، ويتناول إبراهيم فيسئ القول فيه، ويذكر منه القبيح التماسا لرضا أبي جعفر، وأبو جعفر (أي: المنصور) ساكت ممسك متغير لونه، حتى دخل جعفر بن حنظلة البهراني، فوقف فسلم، ثم قال: عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك، وغفر له ما فرط فيه من حقك، فاصفر لون أبي جعفر، وأقبل عليه، فقال: أبا خالد مرحبا وأهلا ها هنا! فعلم

(1) تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي 12: 269.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»