واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٦٠
ويفهم من قول سفيان المتقدم: لا آمرك ولا أنهاك، أنه كان يرى الخروج مع إبراهيم مشروعا، ولو كان المنصور إماما عادلا، لوجب على سفيان أن ينهى عن الخروج عليه، لا أن يقول: لا آمرك، ولا أنهاك، فهذا قول من فكر في عواقب الأمور، وأدرك أنه ليس من مصلحته الإفصاح بما هو الحق، فترك لنفسه مجالا في الجواب تقية من انكشاف أمره لدى المنصور.
60 - المفضل الضبي (ت / 168 ه‍):
كان المفضل الضبي العالم اللغوي المشهور من أنصار إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، ولكن حين فشلت ثورة إبراهيم وقبض المنصور على المساندين لهذه الثورة، وأنزل العقاب الصارم بهم، كان المفضل الضبي من بين من قبض عليه، فعفا عنه المنصور، وسرعان ما تبدلت مواقف المفضل حتى استخلصه المنصور لنفسه، وقربه إليه، وصار نجما في بلاط الخليفة، وعهد إليه أن يؤدب ولده المهدي (1)، وكأنه لم يكن بالأمس ناقما على المنصور ظلمه وطغيانه، وأنى لهذا أن يكون لولا التقية والمداراة التي كان يظهرها مؤدب المهدي لمن خرج على أبيه بالأمس، حتى لكأن خروجه لم يكن شيئا مذكورا.
61 - تقية الإمام مالك بن أنس (ت / 179 ه‍):
الموقف الأول: مع الأمويين:
جاء في ترجمة الإمام الصادق عليه السلام (ت / 148 ه‍) في ميزان الاعتدال للذهبي (ت / 748 ه‍) ما نصه: وقال مصعب، عن الدراوردي، قال: لم يرو مالك عن

(1) أبو حنيفة بطل الحرية والتسامح في الإسلام / عبد الحليم الجندي: 230.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»