الناس إن ذلك قد وقع منه، فدخلوا فقالوا مثل ما قال جعفر بن حنظلة (1).
وليس من شك في أن كلام الناس في إبراهيم أول الأمر، لم يكن معبرا عن عقيدة الكل، أو البعض منهم على الأقل، لما سيأتي في تقية مالك بن أنس (ت / 179 ه) من نقمة الناس على أبي جعفر المنصور ظلمه وطغيانه، حتى مال أكثر الفقهاء إلى محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم.
لذا كان التحول المفاجئ في موقفهم من تأييد إبراهيم إلى الحط منه دليلا على تقيتهم من المنصور، كما أن تغير موقفهم في مجلس المنصور من النيل من إبراهيم إلى الدعاء له دليل آخر على تقيتهم منه، لأن هذا التغير السريع لم ينشأ من فراغ، وإنما نشأ من علم الداخلين - فيما بعد - على المنصور، ان مواساة المنصور والدعاء لإبراهيم بالمغفرة هو المناسب لرضا المنصور، ولولا ما قاله جعفر بن حنظلة، لاستمر النيل من إبراهيم. ولا يعقل بعد ذلك أن يكون جميع من نالوا، أو دعوا من سوقة الناس ورعاعهم، إذ لا بد وأن يكون من بينهم عدد من التابعين والفقهاء والمحدثين ممن لا تصح - عند إخواننا أهل السنة - نسبة النفاق إلى واحد منهم.
55 - تقية خارجة بن عبد الله المعاصر لمقاتل بن سليمان (ت / 150 ه):
كان خارجة بن عبد الله - لم أقف على سنة وفاته - يستحل دم مقاتل بن سليمان، وهو على الرغم من معاصرته لمقاتل لم يقدم على قتله تقية منه على نفسه، وإشفاقا عليها من القصاص، كما صرح هو بذلك فقال: لم استحل