روينا: إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (1).
أقول: يستطيع الباحث أن يدرك بسهولة - من خلال ما قاله الإمام أبو حنيفة - مدى تأثير السلطة على العلماء، وحملهم على التقية كرها، كما حصل لأبي حنيفة مع الإمام الصادق عليه السلام، في محاولة المنصور اليائسة في إبعاد الناس عن الإمام بشتى الوسائل، وأخبثها، ومن بينها إجبار العلماء الأعلام على مناظرته، لعله ينقطع عن الجواب.
ولولا أمر المنصور لما سئل الإمام الصادق أربعين سؤالا، لا لتحصيل الجواب منه، وإنما لتحصيل الانقطاع عن الجواب! ولا شك ان أبا حنيفة كان يعلم علم الإمام، ولكن ما حيلة المضطر إلا ركوبها!
الموقف السابع - مع ابن أبي ليلى (ت / 148 ه):
ذكر الأستاذ علي الشملاوي في بحثه: التقية في إطارها الفقهي ما قاله جابر بن حماد ابن الإمام أبي حنيفة - كما في رواية الخطيب البغدادي - قال جابر: سمعت أبي حمادا يقول: بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة، فسأله عن القرآن.
فقال: مخلوق.
فقال: تتوب، وإلا أقدمت عليك!
فقال: القرآن كلام الله.
فقال: فدار به في الخلق يخبرهم أنه قد تاب من قوله: القرآن مخلوق.