واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٥٦
الموقف السادس - في مسائله مع الإمام الصادق عليه السلام (ت / 148 ه‍):
المشهور عن الإمام أبي حنيفة قوله: لولا السنتان لهلك النعمان وهما سنتان من التلمذة المباشرة على يد الإمام الصادق عليه السلام، ولقد كانت بينهما لقاءات متكررة بالكوفة استفاد منها أبو حنيفة كثيرا، وعرف عن كثب منزلة الإمام الصادق علما وأدبا ونسكا وورعا، ولا غرو في ذلك، ومن أحق من أبي حنيفة بهذا؟
ولقد أوجس المنصور خيفة شديدة من التفاف الناس حول الإمام الصادق عليه السلام، فحاول الحط منه، وتقليل شأنه في نظر العلماء أولا، ومن ثم ابعاد عامة الناس عنه - بعد أن يتم له ذلك - ثانيا.
ومن محاولات المنصور تلك التي تكشف عن تقية أبي حنيفة، ما قاله أبو حنيفة نفسه، قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر (أي: المنصور) وهو بالحيرة، فأتيته، فدخلت عليه، وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه، وأومأ إلي فجلست، ثم التفت إليه، فقال: يا أبا عبد الله! هذا أبو حنيفة، فقال: نعم... ثم التفت إلي المنصور، فقال: يا أبا حنيفة! ألق على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون: كذا، وأهل المدينة يقولون: كذا، ونحن نقول: كذا. فربما تابعنا، وربما خالفنا جميعا. حتى أتيت على الأربعين مسألة - ثم قال مستدلا على أن الإمام الصادق عليه السلام أعلم أهل زمانه بلا منازع -: ألسنا قد
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»