واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٥٢
دم يهودي ولا ذمي، ولو قدرت على مقاتل بن سليمان في موضع لا يراني فيه أحد لقتلته (1).
56 - تقية الإمام أبي حنيفة النعمان (ت / 150 ه‍):
حرص الإمام أبو حنيفة على الابتعاد عن العباسيين طيلة حياته، لما عرفه من ظلمهم واضطهادهم العلماء وحملهم على ما يكرهون، ولهذا لا نجد في سيرة الإمام تقربا إلى السلاطين والحكام، ولقد كلفه ذلك ثمنا باهضا، إذ استدعي مرات ومرات، وحبس وضرب على كبر سنه ولم يتغير موقفه في عدم التقرب إلى الولاة والحكام. ولكن قد أجبرته السلطة حينذاك أن يتقيهم كرها لينجو بنفسه من تعسفهم واضطهادهم، ولم يكن الإمام أبو حنيفة مبتدعا في تقيته، فقد اتقى قومه من هو أفضل الأنبياء والمرسلين (ص)، ولفيف من الصحابة والتابعين قبله، وفيما يأتي نورد جملة من المواقف التي حملته كرها على التقية، وهي:
الموقف الأول - مع ابن هبيرة:
كان يزيد بن عمر المعروف بابن هبيرة (ت / 132 ه‍) من ولاة آخر الأمويين مروان بن محمد (ت / 132 ه‍) على البصرة والكوفة. وقد حاول ابن هبيرة استقطاب العلماء لتقوية مركزه، ومنهم أبي حنيفة، وقد لبى أصحاب أبي حنيفة دعوة ابن هبيرة كما سيأتي في تقيتهم، إلا أن أبا حنيفة رفض أن يكون جسرا لرغبات ابن هبيرة، ولهذا حاول ابن هبيرة أن ينزل أكبر الأذى به، ويتنحل عذرا ليكون مبررا لقتله، فدس إليه رجلا وأبو حنيفة في طريقه إلى

(١) تهذيب التهذيب ١٠: ٢٥١ - في ترجمة مقاتل بن سليمان.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»