تعاليق مبسوطة - الشيخ محمد إسحاق الفياض - ج ٦ - الصفحة ١٦
التمكن على العرف (1)، ومع الشك يعمل بالحالة السابقة (2)، ومع عدم
____________________
وهذه الصحيحة وإن كان موردها الدين وصاحبه ما دام لم يقبضه لم يملك، إلا ان هذه الخصوصية لا تصلح أن تكون فارقة بينه وبين الوديعة ونحوها، على أساس ان الملك كالتمكن من شروط الوجوب في مرحلة الاعتبار، والاتصاف في مرحلة المبادئ، ولا يكون المكلف مسؤولا أمامها باعتبار انه لا يوجد وجوب قبل تحققها فكيف يكون محركا وباعثا على ايجادها، وعلى هذا فصاحب الوديعة ما دام لم يصل إليها ولم يقبضها لم يتمكن من التصرف فيها ولا يجب عليه تحصيل التمكن بترتيب مقدمات للوصول إليها وأخذها كما لا يجب على الغائب الحضور وإن كان متمكنا منه، ولا على صاحب الدين أن يأخذه من المدين ويقبضه.
فالنتيجة: ان المستفاد من تلك الروايات الكثيرة بمختلف الألسنة ان المعيار في وجوب الزكاة انما هو تمكن صاحب النصاب من التصرف فيه متى شاء وأراد، وأما إذا لم يتمكن كذلك فلا زكاة وإن كان قادرا على ايجاده، إلا أنه من ايجاد الموضوع فلا مبرر لوجوبه ثم انه لا فرق بين أن يكون المنع من التصرف تكوينيا أو تشريعيا.
(1) قد عرفت مما تقدم معيار المدار فيه.
(2) هذا إذا كانت الشبهة موضوعية، فإنه حينئذ ان كانت الحالة السابقة عدم المانع فتستصحب تلك الحالة، وان كانت وجود المانع فيستصحب بقاء وجوده، وان كانت مسبوقة بحالتين متضادتين كانتا مجهولتي التاريخ لم يجر استصحاب البقاء في شئ منهما، لا من جهة المعارضة بل من جهة ابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد.
مثال ذلك: إذا كان يعلم بأن هذا المال كان تحت تصرفه وسلطانه في زمان وخارجا عنه في زمان آخر، وشك في المتقدم والمتأخر منهما، فاذن كل من الحادثين مردد بين فردين طوليين، فالحادث الأول ان وجد في الساعة
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 18 19 21 22 28 ... » »»