الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٨٤
وإن لم يصح إضافته إلى جميع المدة بل يصح إضافته إلى ابتدائها تعلق الحنث بالابتداء دون الاستدامة، كقوله: لا تزوجت ولا تطهرت ولا بعته هذا الثوب ولا وهبت له هذه الناقة، لا يصح إضافته إلى جميع المدة، فلا يقال:
تزوجتها شهرا، ولا تطهرت شهرا ولا بعته هذا الثوب شهرا، بل يقال: بعته منذ شهر وتطهرت منذ الغداة.
وأما إذا حلف فقال: والله لا دخلت هذه الدار، وهو في جوفها، فاستدام الكون فيها، فإنه لا يحنث فيه، وقال بعضهم: يحنث.
إذا كان ساكنا في دار فحلف لا سكن فيها، فمتى استدام السكنى حنث لأن السكنى تقع على الابتداء والاستدامة، ألا ترى أنه يقول سكنتها شهرا ولم يرد " قد ابتدأت سكناها شهرا " وإنما أراد ابتدأت بالسكنى واستدامته شهرا.
فإذا تقرر هذا نظرت: فإن كان فيها فأقام عقيب يمينه مدة يمكنه الخروج منها فلم يفعل، حنث عند بعضهم، وقال قوم: إن أقام يوما وليلة حنث وإن أقام أقل من ذلك لم يحنث، والأول أقوى، فأما إن خرج عقيب يمينه من غير وقفة لم يحنث في جميعه بلا خلاف إلا شاذا منهم، فإنه قال: يحنث ولا سبيل له إلى البر، لأنه يحنث باستدامة السكنى، وخروجه منها عقيب يمينه سكون فيها، فوجب أن يحنث، والأول أصح.
فإذا ثبت أنه لا يحنث، فإن عاد بعد أن خرج منها لنقل رحله أو عيادة مريض أو لغير سكنى لم يحنث، لأن اليمين قد انقطعت بالخروج فإذا عاد إليها لم يحنث، هذا إذا أقام عقيب يمينه للسكنى أو لم يقم.
فأما إن أقام عقيب يمينه لا للسكنى ولكن لنقل الرحل والمال، قال بعضهم:
يحنث، وقال آخرون: إن أقام عقيب يمينه لجمع الرحل والمال ونقل العيال لم يحنث، بناه على أصله أن السكنى ما كان بالبدن والمال والعيال معا، فإذا أقام لنقل هذا لم يكن ساكنا، وهو الذي يقوى في نفسي.
فإذا ثبت أنه لا يحنث بترك السكنى ويحنث به، فالكلام في ثبات السكنى
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»