الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٨٢
فأما التكفير بالعتق فإن أذن له المولى فيه وملكه ذلك أو أعتق عنه سيده باذنه صح، وقال قوم: لا يصح بحال، لأن العتق يقتضي الولاء، والولاء يقتضي فالولاية والإرث، وليس العبد من أهل الولاية ولا الإرث، وعندنا إن ذلك يصح لأنه لا يقتضي الولاء لأنا قد بينا أن العتق في الكفارات والواجبات لا ولاء لأحد عليه بسبب العتق، بل هو سائبة.
فإذا ثبت أن العبد من أهل الصوم فأراد الصوم، فهل لسيده منعه أم لا؟
نظرت: فإن حلف وحنث بإذن سيده لم يكن له منعه منه، لأنه صوم لزمه باذنه فهو كما لو أذن في النكاح فنكح، كان له الإنفاق من كسبه بغير إذنه، لأن سبب وجوبه عليه باذنه، وإن كان الحلف بغير إذنه والحنث باذنه فكذلك أيضا لأن التكفير بالحنث والوجوب عقيب الحنث.
وإن كان العقد والحنث معا بغير إذنه لم يكن له الصيام بغير إذنه لأنه ألزم نفسه صوما بغير إذنه، وأما إن كان العقد باذنه والحنث بغير إذنه قال قوم: له الصيام لأن سبب الوجوب كان باذنه، وقال آخرون - وهو الصحيح عندنا -: أنه ليس له الصيام بغير إذنه، لأنه إذا أذن له في اليمين فقد منعه من الحنث بها.
وكل موضع قلنا: له منعه منه، فإن أراد أن يصوم في وقت يضعف فيه في بدنه وعمله وهو نهار الصيف كان له منعه، فإن خالفه وصام وقع موقعه، ويقوى في نفسي أنه لا يقع موقعه، وكذلك نقول: إذا حج بغير إذنه لا تقع موقعها.
وإن كان الزمان معتدلا لا يضر به الصوم كزمان الشتاء وما جاوره فليس له منعه منه، لأنه لا ضرر على سيده فيه، قال قوم: وعلى هذا لو صام العبد تطوعا في هذه الأوقات لم يكن لمولاه منعه، لأنه لا ضرر عليه، وعموم أخبارنا يمنع منه.
إذا حلف العبد لم يخل من أحد أمرين: إما أن يحنث وهو حر أو يحنث وهو عبد، فإن حنث وهو حر فإن أعتقه سيده بعد عقد اليمين وقبل الحنث ثم خالف وحنث فهو في الكفارة كالحر، وإن حنث وهو عبد ففرضه الصيام، فإن أعتق نظرت: فإن كان بعد أن كفر بالصيام فلا كلام، وإن كان قبل أن يكفر بالصيام،
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»