الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٦٦
يوجد الاستثناء لأنه ما أتى بالمشيئة التي هي ضد اليمين، فإن دخل الدار وخالف فخفي علينا خبر فلان فلم نعلم شاء أو لم يشأ لم يحنث من قبل أن يكون فلان شاء، وعندي أنه لا فرق بين المسألتين، وهو أنه متى خالف حنث، ومتى شك في حصول المشيئة فإنه لا يحنث لأن الأصل براءة الذمة وفيها خلاف.
فأما إذا حلف ليضربنه مائة، فأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة فقد روى أصحابنا أنه يبر في يمينه، وفي الناس من قال: لا يبر إلا إذا قطع أنه قد وصل إليه المائة بأجمعها، ومتى لم يعلم ذلك فإنه يحنث.
إذا حلف لا أدخل الدار إن شاء فلان، فليس هذا من الاستثناء بل علق انعقاد يمينه بشرط مشيئة فلان، فالشرط ما كان في وفق يمينه، فإذا قال: قد شئت أن لا يفعل، انعقدت يمينه، لأن شرط الانعقاد قد وجد، فإذا انعقدت فلا يخلصه منها غير البر.
فإن قال فلان: قد شئت أن تدخلها، لم يوجد الشرط، لأنه في ضد اليمين، وكذلك لو قال: لا أشاء أن لا تدخل، لم يوجد الشرط، لأن الشرط أن يشاء أن لا يدخلها وما شاء هذا، فلا تنعقد يمينه، فإن غاب فلان ولم يعلم هل شاء أم لا لم تنعقد يمينه لأنه لا يعلم الشرط، والأصل أن لا يمين.
فصل: في لغو اليمين:
لغو اليمين أن يسبق اليمين إلى لسانه لم يعقدها بقلبه، كأنه أراد أن يقول:
بلى والله، فسبق لسانه " لا والله " ثم استدرك فقال: بلى والله، فالأول لغو ولا كفارة، وفيه خلاف.
فإذا ثبت هذا فالأيمان ضربان: لغو وغير لغو، فإن وقعت لغوا نظرت: فإن كانت بالله قبل منه، لأنه من حقوق الله يقبل منه فيما بينه وبين الله، لأنه لا مطالب بموجبها، وإن كانت بالطلاق أو العتاق فعندنا لا تنعقد إلى اليمين بهما أصلا وإن قصد، وعندهم تقبل فيما بينه وبين الله ولم تقبل منه في الحكم، لأن
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»