الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٦١
فمتى قال: أقسمت بالله أو أقسم بالله نظرت: فإن أطلق ولا نية له، عندنا لا تكون يمينا وعندهم تكون يمينا لأنها لفظة ثبت لها العرفان معا، عرف العادة وعرف الشرع، فعرف الشرع قوله: " وقاسمهما أني لكما لمن الناصحين " وقوله: " أقسموا ليصرمنها مصبحين " وقوله: " فيقسمان بالله " وأما عرف العادة وهو عرف سائر الناس فإنهم يقولون: أقسمت بالله وأقسمت عليك، وهو مشهور في اللغة.
فإذا ثبت العرفان كان يمينا مع الإطلاق، وإن أراد بها اليمين كانت النية تأكيدا عندهم، وعندنا بها تصير يمينا لأن اليمين عندنا لا تنعقد إلا بالنية في سائر الألفاظ.
فأما إن لم يرد يمينا وقال: أردت بقولي " أقسمت " إخبارا عن يمين قديمة، و " أقسم بالله " أني سأحلف به، فعندنا يقبل قوله، وقال بعضهم: لا يقبل، فمن قال بهذا قبله فيما بينه وبين الله لا في الظاهر، لأنه محتمل، وهو أعرف بما أراد.
إذا قال: أقسم لا فعلت كذا لا كلمت زيدا، ولم ينطق بما حلف به، لم يكن يمينا أرادها أو لم يردها عندنا وعند كثير منهم، وفيه خلاف.
إذا قال: لعمرو الله، روى أصحابنا أنه يكون يمينا وبه قال جماعة، غير أنهم لم يشترطوا النية وقال بعضهم: لا يكون يمينا إذا أطلق ولم يرد يمينا، وإن أراد يمينا كان يمينا وهذا هو مذهبنا بعينه.
وإذا قال: وحق الله، كانت يمينا إذا أراد يمينا، وإن لم يرد لم تكن يمينا وقال بعضهم: إن أطلق أيضا يكون يمينا وفيه خلاف، فأما إن قال: لم أرد يمينا، لم تكن يمينا بلا خلاف.
وقوله: وقدرة الله، كقوله: وحق الله كذلك قوله: وعلم الله، إن قصد به ما ذكرناه وقصد به اليمين كان يمينا، وعندهم إن قصد اليمين أو أطلق كان يمينا فإن لم يرد يمينا فليست يمينا بلا خلاف.
فأما قوله: وعظمة الله وجلال الله وكبرياء الله، فكلها يمين إذا نوى بها
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»