الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٢٧١
يجز مكاتبته، لقوله تعالى: " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " والخير الكسب والأمانة، ولأنه قال: " والذين يبتغون الكتاب " والمجنون لا ابتغاء له.
فإن خالف السيد وكاتب واحدا منهما لم يكن هناك عقد صحيح ولا فاسد، لأن الفاسد إذا كان بين المتعاقدين من أهل العقد وعقداه على فساد، لأن قوله " كاتبتك " إيجاب عقد، ويفتقر إلى القبول ولا قابل له، ومن أجاز العتق بصفة قال: هذا عتق بصفة، والصفة قائمة فإن أدى ما شرط عتق، لأن الصفة قد وجدت.
فإن فضل فضل كان لسيده أن يأخذه منه، لأن العبد قبل الأداء كان فيئا، وما حصل في يديه كان ملكا لسيده، فلما عتق بالصفة كان ما في يده لسيده كالعبد القن إذا علق حريته بصفة فحصلت الصفة، وليس كذلك الكتابة فإنه متى أدى مال الكتابة وحصل فضل كان له، لأن الكتابة متى حصلت منعت أن يكون الكسب للسيد وإنما عليه دين في ذمته فإذا أدى ما عليه عتق، فإذا ثبت أنه يأخذه منه، فإنه لا تراجع بينهما بحال، والتراجع في الكتابة الفاسدة أن ينظر إلى قيمته وقدر الأداء فيجمع بينهما ويترادان الفضل، وليس هاهنا شئ من هذا.
فإذا ثبت أنهما لا يترادان فإن السيد يمسك ما قبضه منه، ولا يرد عليه شيئا لأنه قبضه من غير مالك، وكان المقبوض ملك نفسه، فلهذا لم يرد عليه شيئا.
قد أمر الله تعالى بمكاتبة العبيد بشرط أن يعلم فيهم خيرا فقال: " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " واختلف في الخير المراد في الآية، فقال ابن عباس: هو الثقة والأمانة، وقال آخرون: هو الاكتساب فقط، وقال آخرون: هو الأمانة والاكتساب، وهو مذهبنا.
فإذا ثبت ذلك فإن وجد الأمران في عبد فالمستحب أن يكاتبه وإن عدم الأمران كانت مكاتبته مباحة غير مستحبة ولا مكروهة وقال قوم: إن عدم الأمران كرهت مكاتبته وهو قوي، وقال بعضهم: إن كان أمينا غير مكتسب يستحب مكاتبته، فإن لم يكن أمينا لم تستحب المكاتبة.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»