الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٢٧٢
ويفارق البيع من وجوه أحدها: أن الكتابة لا بد فيها من أجل والبيع لا يفتقر إليه، ومنها أن المكاتبة يمتد فيها خيار العبد، والبيع لا يمتد فيه خيار الشرط، ومنها أن البائع يشترط لنفسه الخيار، والسيد لا يشترطه في عقد الكتابة، ويتفقان في أن الأجل منهما لا يكون إلا معلوما ولا يصح كل واحد منهما إلا بعوض معلوم، وعندنا أن المكاتبة لا تنعقد إلا بأجل، ومتى كانت بغير أجل كانت باطلة.
إذا ثبت أن الأجل شرط فأقل ما يجزئ فيه أجل واحد عندنا، وعند بعضهم أجلان، ولا تكون الآجال إلا معلومة بلا خلاف والعوض معلوما.
فأما الآجال فإن كثرت وزادت فقال: كاتبتك إلى عشرة آجال، كل أجل سنة، جاز، ولو كاتبه إلى أجلين هما سنتان كل أجل سنة، فلا بد أن يكونا معلومين وأن يكون انتهاء كل واحد، معلوما، فأما إن قال: كاتبتك إلى عشر سنين، فإنه يصح عندنا، وإن كان أجلا واحدا، وعند من اعتبر الزيادة لا تصح.
فإن قال: يؤدى إلى في هذه العشر سنين، قالوا: لا يصح لأنه أجل واحد، ولأنه مجهول لأنه لا يعرف وقت الأداء، كما لو قال: بعتك بمائة تحل عليك في رجب، لم يصح، لأن كل شهر رجب جعله وقت محله، وهذا غير صحيح عندنا أيضا من حيث كان مجهولا لا من حيث كان أجلا واحدا.
فأما البدل فلا يصح حتى يكون معلوما بأحد أمرين: معاينة أو صفة، والمعاينة لا تكون هاهنا فلا بد أن يكون معلوما بالصفة، ثم لا يخلو من أحد أمرين:
إما أن يكون من جنس الأثمان أو من غير جنسها.
فإن كانت من غير جنس الأثمان كالحبوب والأدهان والثياب والحيوان فلا بد أن يصفها بالصفات المعتبرة في السلم، وإن كانت من جنس الأثمان فإن كان للبلد غالب فقد انصرف الإطلاق إليه، وإن لم يكن له غالب نقد فلا بد من ضبطه ومعرفته.
فإن أطلق البدل هاهنا بطل العقد، لأن بعض النقود ليس بأولى من بعض.
وليس من شرط الآجال الاتفاق في المدة، فلو كان أحدهما إلى سنة والآخر
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»