الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ١١٠
يعتد له إلا بواحدة.
وأما إذا قال: ليضربنه مائة مرة، فلا يعتد إلا بضربة واحدة بلا خلاف.
وإن حلف ليضربنه مائة ضربة، قال بعضهم: لا يبر حتى يضرب مائة مرة لأنه يجري مجرى قوله مائة مرة، ولهذا قلنا في الرمي بسبع حصيات دفعة واحدة: لم يعتد إلا بواحدة، وقال بعضهم: يبر بضرب مرة واحدة، لأن الضربة إيصال ضربة إلى بدنه فإذا وقعت الشماريخ عليه دفعة واحدة فقد أوصل إلى بدنه مائة ضربة، وهذا الأقوى عندي.
فلا فصل في جميع ذلك بين أن يؤلمه بالضرب أولا يؤلمه، بعد أن يفعل ما يقع عليه اسم الضرب، وهو أن يرفع يده أولا ثم يوقع الضرب به، فأما إذا وضعه على كتفه وضعا فلا يقال له ضرب، وقال بعضهم: الضرب ما آلمه به، فإذا لم يؤلمه فليس بضرب، والأول أقوى.
الثالثة: إذا ضربه دفعة واحدة، ولم يعلم هل وصلت إلى بدنه، لكنه غلب على ظنه أن الكل قد أصابه بر في يمينه، وقال بعضهم: لا يبر في يمينه، لأنه ما قطع أن الكل وصل إليه، والأصل أنه ما وصل، فلا يحكم بالبر، والأول أقوى لعموم أخبارنا فيه، ولقوله تعالى: " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " ولم يفصل.
إذا حلف لا وهبت له، فالهبة عبارة عن كل عين يملكه إياها تبرعا بغير عوض، فإن وهب له أو أهدي إليه أو نحله أو أعمره أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث بذلك كله، وأبعدها العمرى، وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وآله هبة، فقال: العمرى لمن وهبت له، وقال بعضهم في صدقة التطوع أنه لا يحنث بها، فإن حلف لا أعمرته فتصدق عليه، أو لا أتصدق عليه فأهدى له لم يحنث، لأن اليمين تعلقت بنوع فلا يحنث بنوع آخر، كما لو حلف لا أكلت المعقلي فأكل البرني لم يحنث.
فإن حلف لا وهبت له فأعاره لم يحنث، لأن الهبة تمليك الأعيان، والعارية لا
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 113 114 115 116 ... » »»