الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٩٩
قولين، عندنا أنه لا يحنث، وإن انصرف الحالف على أي وجه كان لم يحنث لأن الغريم ما فارقه وإنما فارق هو الغريم.
وإن حلف، لا افترقت أنا وأنت حتى أستوفي حقي، كان معناه لا فارقتني ولا فارقتك، فقد تعلقت اليمين بفعل كل واحد منهما، فإن قبض حقه قبل المفارقة بر، وإن فارق أحدهما صاحبه باختياره حنث، وإن فارقه ناسيا أو مكرها فعندنا لا يحنث، وقال بعضهم: يحنث.
ولو حلف، لا افترقت أنا وهو، ففر منه لم يحنث عندنا، وقال قوم: يحنث، لأن فراره منه باختيار نفسه، وكذلك لو حلف، لا أفترق أنا وهو، ولا فصل بينهما، ولو حلف، لا افترقنا حتى أستوفي حقي منك، لم يحنث حتى يكون من كل واحد منهما فراق لصاحبه يذهب هذا كذا، وهذا كذا، لأنه قد علق اليمين بمفارقة كل واحد منهما.
إذا حلف، لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك، فقد فرع على هذا ثلاث مسائل:
الأولى: فلس من عليه الحق وحجر الحاكم عليه لزمه مفارقته شرعا، فكان فرارا على إكراه بحكم الشرع، فهل يحنث؟ على قولين قد مضى.
الثانية: أخذ حقه معتقدا أنه نفس حقه فبان غيره، مثل أن كان حقه دنانير فبانت نحاسا، وفضة فبانت رصاصا، قال قوم: يحنث، وقال قوم: لا يحنث، وهو الأقوى عندي.
الثالثة: إذا أحاله بالحق فقبل الحالف الحوالة وانصرف حنث، لأن الحوالة وإن كانت فإنما هي قبض حكما، فأما مشاهدة وفعلا فلا.
إن حلف، لا فارقتك حتى أستوفي حقي، نظرت: فإن استوفى نفس حقه بر، وإن استوفى بدل حقه مثل إن كانت دنانير فأخذ دراهم أو ثيابا أو غير ذلك حنث في يمينه، سواء كان البدل وفاء حقه أو أقل لأنه ما استوفى حقه وإنما استوفى بدل حقه، فإن أبرأه وانصرف حنث أيضا لأنه ما استوفاه.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»