الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢٧ - الصفحة ٢٠٣
الذي منع من العبور في المسجد غير عابر سبيل، هو الجنب الذي جوز له العبور فيه وهو جنب في الموضعين معا.
وعلى ما قالوا جعلوا الاستثناء من غير جنسه، لأن الجنب الذي منع من قربان الصلاة في غير السفر الذي أباحوه له في السفر، لأنه منع منها غير المسافر قبل التيمم، وأبيحت للمسافر بعد التيمم فليس من استباح الصلاة من جنس من لا يستبيحها، فكان هذا مجازا، فكان حمله على حقيقته أولى من حمله على المجاز.
والخامس: قوله: لا تقربوا الصلاة، حقيقة فيما كان من قرب المكان، يقال:
لا تقرب داري، ولا تقرب المسجد الحرام، وحمله على قرب الأفعال مجاز، لأنه لا يقال في الحقيقة: لا تقرب أفعالك، ولا تقرب الأكل والشرب إلا مجازا، وإذا كان كذلك فقد تركوا الحقيقة إلى هذا المجاز، فكان ما قلناه أولى.
فإن قالوا: ففي الآية ما يدل على أن المراد بالصلاة حقيقة الصلاة، لأنه قال:
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فلما شرط العلم بالقول، علم أن المراد بالصلاة ما يفتقر إلى قول.
قلنا: هذا غلط، بل المراد بقوله: حتى تعلموا ما تقولون، معناه حتى تفيقوا، لأن السكران إنما يفيق إذا علم ما يقول، فكان المنع من المسجد وهو سكران لأن لا يقذر المسجد بالقئ ونحوه، فبطل أن يدل على حقيقة الصلاة.
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ناوليني الخمرة من المسجد قالت: فقلت: إني حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك، وأحد لم يفرق بين الحيض والجنابة.
وأما أخبارنا فأكثر من أن تحصى.
من ذلك ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا ولكن يمر فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»