الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢٧ - الصفحة ٢٠١
المسيب، والحسن البصري، وعطاء ومالك.
وقال أبو حنيفة لا يجوز له أن يعبر فيه بحال لغرض ولا لغيره إلا في موضع الضرورة وهو إذا نام في المسجد فاحتلم فيه فإنه يخرج منه.
وقال الثوري مثل ذلك إلا أنه قال إذا أجنب في المسجد تيمم في مكانه وخرج متيمما.
وقال أحمد وإسحاق: إذا توضأ الجنب فهو كالمحدث يقيم فيه ويلبث حيث شاء، وبه قال زيد بن أسلم، غير أنه لا يعرف الوضوء عن زيد بن أسلم وأحمد يروي مثل مذهبه عن بعض الصحابة.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا، وموضع الدلالة هو أنه نهى الجنب عن قربان الصلاة، وحقيقة الصلاة أفعالها، وحملها على موضعها مجاز، فإنه قد يعبر بها عن موضعها قال الله تعالى: وبيع وصلوات، يعني مواضع الصلوات، لأن أفعال الصلاة لا تهدم، فإذا ثبت أنه يعبر بها عن موضعها مجازا فالمراد بالآية موضع الصلاة بدلالة قوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل، يعني عابري طريق، والعبور في أفعال الصلاة محال، ثبت أنه مكان الصلاة وموضعها.
وهذا التأويل مروي عن عمر، وابن مسعود، فكان تقدير الآية لا يقرب المسجد سكران ولا جنب إلا عابري سبيل، فدل على جواز عبور الجنب فيه.
فإن قالوا: معنى الآية غير هذا وهو إن قوله تعالى: لا تقربوا الصلاة، حقيقة هذه الصلاة، فنحملها على حقيقتها، ولا يقربها سكران ولا جنب إلا عابري سبيل، وهو إذا كان مسافرا عابر سبيل، فإن له أن يتيمم وهو جنب ويصلي. فتساوينا في الآية، لأنكم حملتم آخرها على الحقيقة وأولها على المجاز، ونحن حملنا أولها على الحقيقة وأضمرنا في آخرها، ومن أضمر في الخطاب كمن ترك حقيقة إلى المجاز. قالوا: وهذا تأويل ابن عباس وعلي عليه السلام.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»