ينجس الطاهر ويزيد النجس نجاسة، فإن قيل: فقد ورد أنه ينزح إذا مات انسان في البئر سبعون دلوا لموته وهذا عام في المؤمن والكافر ولم يفصل فيجب العمل بالعموم إلى أن يقوم دليل الخصوص، وقد أورد أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب النهاية ذلك وقال: إذا مات انسان في البئر ينزح منها سبعون دلوا وقد طهرت ولم يفصل، وكذلك ذكر الشيخ المفيد رحمه الله في مقنعته وابن بابويه في رسالته، قلنا: الجواب عن هذا الإيراد من وجوه: أحدها أن ألفاظ الأجناس إذا كانت منكرات لا تفيد عند محققي أصول الفقه الاستغراق والعموم والشمول، فأما إذا إذا كان معها الألف واللام كانت مستغرقة كما قال تعالى: والعصر إن الانسان لفي خسر، وأيضا الرواية كما وردت بما ذكره السائل فقد وردت أيضا وأوردها من ذكر من المشايخ المصنفين في كتبهم: أنه إذا ارتمس الجنب في البئر ينزح منها سبع دلاء وقد طهرت، أورد ذلك أبو جعفر الطوسي في نهايته والشيخ المفيد في مقنعته وابن بابويه في رسالته ولم يفصلوا، والرواية بذلك عامة. فمن قال: في الانسان أنه عام، ولم يفصل يلزمه أن يقول في الجنب: أنه عام ولا يفصل فيهما سيان والكلام على القولين واحد حذو النعل بالنعل.
ولا أحد من أصحابنا يقدم فيقول ينزح سبع دلاء لارتماس الجنب أي جنب كان سواء كان كافرا أو مسلما محققا، وهذا كما تراه وزان المسألة بعينه.
فأما العموم فصحيح ما قاله السائل فيه إلا أن الحكيم إذا خاطبنا بجملتين إحديهما عامة والأخرى خاصة في ذلك الحكم والقصة بعينها فالواجب علينا أن نحكم بالخاص على العام ولم يجز العمل على العموم وذلك أن القضاء والحكم بالعموم يرفع الحكم الخاص بأسره والقضاء بالخصوص لا يرفع حكم اللفظ العام من كل وجوهه وما جمع العمل بالمشروع بأسره أولى مما رفع بعضه. مثال ما ذكرناه من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، وهذا عموم في ارتفاع اللوم عن وطء الأزواج على كل حال والخصوص قوله تعالى: و يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فلو قضينا بالعموم في الآية الأولى لرفعنا حكم آية الحيض جملة. ولو تركنا العمل بإحداهما لخالفنا الأمر في قوله تعالى: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم، فلم يبق إلا القضاء بالخصوص على