الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٦٢
وجب تكميله، وإن نزح ذلك المقدار ولم يزل التغير وجب النزح إلى أن يزول لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك والإجماع عليه لأن العامل به عامل على يقين.
وما لا يغير أحد أوصاف الماء على ضربين: أحدهما يوجب نزح جميع الماء أو تراوح أربعة رجال على نزحه من أول النهار إلى آخره إذا كان له مادة قوية يتعذر معها نزح الجميع، والضرب الآخر يوجب نزح بعضه.
فما يوجب نزح الجميع أو المراوحة عشرة أشياء على هذه الطريقة: الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض ودم الاستحاضة ودم النفاس وموت البعير فيه وكل نجاسة غيرت أحد أوصاف الماء ولم يزل التغير قبل نزح الجميع، وكل نجاسة لم يرد في مقدار النزح منها نص فهذا التحرير على هذه الطريقة صحيح.
وما يوجب نزح البعض فعلى ضربين: أحدهما يوجب نزح كر، وهو موت خمس من الحيوان: الخيل والبغال والحمير أهلية كانت أو غير أهلية، والبقر وحشية كانت أو غير وحشية أو ما ماثلها في مقدار الجسم، والآخر ما يوجب نزح دلاء فأكثرها موت الانسان المحكوم بطهارته قبل موته وتنجيس الماء سواء كان صغيرا أو كبيرا سمينا أو مهزولا ينزح سبعون دلوا.
قال محمد بن إدريس: وكأني بمن يسمع هذا الكلام ينفر منه ويستبعده ويقول: من قال. هذا ومن سطره في كتابه ومن أشار من أهل هذا الفن الذين هم القدوة في هذا إليه؟ وليس يجب إنكار شئ ولا إثباته إلا بحجة تعضده ودليل يعتمده وقد علمنا كلنا بغير خلاف بين المحققين المحصلين من أصحابنا: أن اليهودي وكل كافر من أجناس الكفار إذا باشر ماء البئر ببعض من أبعاضه نجس الماء ووجب نزح جميعها مع الإمكان أو التراوح يوما إلى الليل على ما مضى شرحنا له، وعموم أقوالهم وفتاويهم على هذا الأصل، وأيضا فقد ثبت بغير خلاف بيننا: أن الكافر إذا نزل إلى ماء البئر وباشره وصعد منه حيا أنه يجب نزح مائها أجمع، فأي عقل أو سمع أو نظر أو فقه يقضي أنه إذا مات بعد نزوله إليها ومباشرته لمائها بجسمه وهو حي وقد وجب نزح جميعها، فإذا مات بعد ذلك ينزح سبعون دلوا وقد طهرت؟ وهل هذا إلا تغفيل من قائله وقلة تأمل؟ أ تراه عنده بموته انقلب جنسه وطهر ولا خلاف أن الموت
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»
الفهرست