الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٦٨
بنجس، ومنه ما ليس بنجس ولا مكروه فليتأمل ذلك. وسمي جلالا لأكله الجلة وهي البعر إلا أن قد عاد العرف أنه هو الذي يأكل عذرة بني آدم دون غيرها من الأبعار والأرواث النجسات.
فأما ما يوجد في التصنيف لبعض أصحابنا من قوله: وروث وبول ما يؤكل لحمه إذا وقع في الماء لا ينجسه إلا ذرق الدجاج خاصة فإذا وقع في البئر نزح منها خمس دلاء، فإطلاق موهم وعبارة فيها إرسال فإن أراد الجلال فيكون استثناء غير حقيقي بل مجازيا والكلام في الحقيقة دون المجاز، فإن اعتذر له معتذر وقال: يكون استثناء حقيقيا لأنه قبل كونه جلالا يؤكل لحمه فقد استثنى المصنف من حاله الأولى فيصير حقيقيا فإنه غير وجه في الاعتذار، وإن أراد المصنف سواء كان جلالا أو غير جلال مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، فقد قدمنا أن إجماع أصحابنا منعقد والأخبار به متواترة، وأن كل مأكول اللحم من سائر الحيوان ذرقه وروثه طاهر فلا يلتفت إلى خلاف ذلك، إما من رواية شاذة أو قول مصنف معروف أو فتوى غير محصل، وربما أطلق القول. وذهب في بعض كتبه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله إلى نجاسة ذرق الدجاج سواء كان جلالا أو لم يكن لأن استثناءه من مأكول اللحم يفيد ذلك ويعلم منه، إلا أنه رجع في استبصاره ومبسوطه فقال في مبسوطه في آخر كتاب الصيد والذبائح: فأما الهازبي وهو السمك الصغير الذي يقلى ولا يلقى ما في جوفه، من الرجيع، فعندنا يجوز أكله لأن رجيع ما يؤكل لحمه ليس بنجس عندنا. وقال أيضا في مبسوطه في كتاب الأطعمة: الجلالة البهيمة التي تأكل العذرة كالناقة والبقرة والشاة والدجاجة فإن كان هذا أكثر علفها كره أكل لحمها بلا خلاف بين الفقهاء. وقال قوم من أصحاب الحديث: هو حرام، والأول مذهبنا، هذا آخر كلامه رحمة الله عليه فالحظه بالعين الصحيحة. فأما ما يوجد في بعض الكتب لبعض أصحابنا، وهو قوله: ومتى وقع في البئر ماء خالطه شئ من النجاسات، مثل ماء المطر والبالوعة وغير ذلك نزح منها أربعون دلوا للخبر فإنه قول غير واضح ولا محكك بل تعتبر النجاسة المخالطة للماء الواقع في ماء البئر فإن كانت منصوصا عليها أخرج المنصوص عليه، وإن كانت النجاسة غير منصوص عليها فيدخل في قسم ما لم يرد به نص معين بالنزح، فالصحيح من المذهب والأقوال الذي يعضده الاجماع والنظر والاعتبار والاحتياط للديانات
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست