وإن كان الانسان في استعماله معاقبا لأن نية القربة لا تراعى في إزالة النجاسة العينية.
والطاهر الذي ليس بطهور ما خالطه جسم طاهر فسلبه إطلاق اسم الماء واقتضى إضافته إليه أو اعتصر من جسم أو استخرج منه أو كان مرقا سلبته المرقية إطلاق اسم المائية، كماء الورد والآس والباقلاء وما أشبه ذلك فهذا الماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، فإن خالطه شئ من النجاسات فقد نجس قليلا كان أو كثيرا بغير خلاف، ولا اعتبار للكر هاهنا ولا ترفع به نجاسة حكمية بغير خلاف بين المحصلين.
وفي إزالة النجاسة العينية به خلاف بين الأصحاب، والصحيح من المذهب أنها لا يزول حكمها، وإن كان السيد المرتضى وجماعة من أصحابنا يذهبون إلى أنها يزول حكمها به. فأما الرد عليهم بقوله تعالى: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، فليس بشئ يعتمد، لأنه ليس في الآية أن غير الماء المنزل من السماء لا يطهرنا فهذا عند محققي أصول الفقه أخفض رتبة من دليل الخطاب لأن الحكم تعلق بذكر عين لا حكم صفة، والنص عندهم إذا تناول عينا بحكم لم يدل على أن ما عداها من الأعيان مخالف لها في ذلك، هذا على مذهب القائلين بدليل الخطاب وعلى مذهب المبطلين له، وإنما اخترنا ما اخترناه لدليل غير هذا وهو أن النجاسة معلومة في الثوب والبدن بيقين فلا تزول إلا بيقين، وإذا أزيلت بالماء المطلق يحصل اليقين، وأيضا فالماء المضاف لاقى نجاسة فنجس بملاقاتها فصار هذا الفعل تكثيرا للنجاسة وليس كذلك إزالتها بالماء المطلق لأن لورود الماء على النجاسة حكما وليس كذلك ورود المضاف، فإن أضيف إلى الماء المطلق المطهر جسم طاهر تغير به أحد أوصافه فهو باق على حكم التطهير به ما لم يسلبه إطلاق اسم الماء عنه، لأن التغير غير السلب لأن السلب هو غلبة الأجزاء المخالطة للماء حتى تسلبه إطلاق اسم الماء وتخرجه عن معنى المياه، والنجس هو الماء القليل الذي خالطه شئ من النجاسة غيره أو لم يغيره أو الكثير أو الجاري الذي تخالطه النجاسة وتغير بعض صفاته من لون أو طعم أو ريح.
وحد الماء القليل ما نقص عن مقدار كر، وحد الكثير ما بلغ كرا فصاعدا وحد الكر ما وزنه ألف ومائتا رطل بالرطل العراقي وهو البغدادي.