الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٨٦
والفرض السابع: مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك والأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين ويجزئ بإصبعين منهما، ويدل على ذلك مضافا إلى الاجماع المذكور قوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس ثم عطف عليها الأرجل فوجب أن يكون لها بمقتضى العطف مثل حكمها كما وجب مثل ذلك في الأيدي والوجوه. وسواء في ذلك القراءة بالجر والنصب:
أما الجر فلا وجه له إلا العطف على الرؤوس ومن تعسف وجعله للمجاورة فقد أبعد لأن محصلي علماء العربية قد نفوا الإعراب بالمجاورة أصلا وتأولوا الجر في " جحر ضب خرب " على أن المراد " خرب جحره " مثل مررت برجل حسن وجهه " ولأنه عند من جوزه شاذ نادر لا يقاس عليه فلا يجوز والحال هذه حمل كتاب الله عليه، ولوجود حرف العطف في الآية الذي لا يبقى معه للإعراب بالمجاورة حكم، ولأن الإعراب بذلك إنما يكون في الموضع الذي ترتفع الشبهة فيه لأن من المعلوم أن خربا لا يجوز أن يكون من صفات الضب وليس كذلك الأرجل لأنه كما يصح أن تكون مغسولة يصح أن تكون ممسوحة فلا يجوز أن يكون إعرابها للمجاورة لحصول اللبس بذلك.
وأما النصب فهو أيضا بالعطف على موضع الرؤوس أولى من عطفها على الأيدي لاتفاق أهل العربية على أن إعمال أقرب العاملين أولى من إعمال الأبعد، ولهذا كان رد عمرو في الإكرام إلى زيد أولى من رده في الضرب إلى بكر من قولهم " ضربت زيدا وأكرمت بكرا وعمرا " ومثله " أكرمت وأكرمني عبد الله وأكرمني وأكرمت عبد الله " فإن إعمال أقرب الفعلين من الاسم فيه أولى من إعمال الأبعد، وبذلك جاء القرآن قال الله تعالى: آتوني أفرع عليه قطرا، وهاؤم اقرأوا كتابيه، وإنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، فإن العوامل في المنصوب في ذلك كله أقرب الفعلين إليه. وأيضا فقد بينا أن القراءة بالجر لا يحتمل سوى المسح فيجب حمل القراءة بالنصب على ما يطابقها لأن قراءة الآية الواحدة بحرفين يجري مجرى الآيتين في وجوب المطابقة بينهما.
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه وآله بال على سباطة
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست