الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٨٣
فصل: في كيفية الطهارة:
وأما الوضوء فتقف صحته على فروض عشرة:
أولها: النية بالإجماع وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم... الآية، لأن التقدير اغسلوا وجوهكم للصلاة وإنما حذف ذكر الصلاة اختصارا كقولهم: إذا لقيت الأمير فالبس ثيابك، و: إذا لقيت العدو فخذ سلاحك، وتقدير الكلام افعل ذلك للقاء. وإذا أمر الله تعالى بهذه الأفعال للصلاة فلا بد من النية لأن بها يتوجه إلى الصلاة دون غيرها. ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين والإخلاص له لا يحصل إلا بالنية، والوضوء من الدين لأنه عبادة بدليل الاجماع. ويحتج على المخالف بما رووه من قوله صلى الله عليه وآله:
الوضوء شطر الإيمان ويحتج عليه في وجوب النية بما رووه أيضا من قوله صلى الله عليه:
وآله: الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى، لأن أجناس الأعمال إذا كانت توجد من غير نية ثبت أن المراد أنها لا تكون قربة وشرعية ومجزئة إلا بالنية، ولأن قوله: وإنما لامرئ ما نوى، يدل على أنه ليس له ما لم ينو لأن هذا حكم لفظة " إنما " في اللسان العربي على ما بيناه فيما مضى من الكتاب.
والنية هي أن يريد المكلف الوضوء لرفع الحدث واستباحة ما يريد استباحته به من صلاة أو غيرها مما يفتقر إلى طهارة طاعة لله وقربة إليه. اعتبرنا تعلق الإرادة برفع الحدث لأن حصوله مانع من الدخول فيما ذكرناه من العبادة. واعتبرنا تعلقها باستباحته العبادة لأن ذلك هو الوجه الذي لأجله أمر برفع الحدث فما لم ينوه لا يكون ممتثلا للفعل على الوجه الذي أمر به لأجله. واعتبرنا تعلقها بالطاعة لله تعالى لأن بذلك يكون الفعل عبادة. واعتبرنا القربة إليه سبحانه - والمراد بذلك طلب المنزلة الرفيعة عنده بنيل ثوابه لا قرب المسافة على ما بيناه فيما مضى من الأصول - لأن ذلك هو الغرض المطلوب بطاعته الذي عرضنا سبحانه بالتكليف له، واعتبار القربة في النية عبادة في نفسه أمر الله تعالى به ومدح على فعلها ووعد سبحانه عليه الثواب.
ودليل الأمر بها قوله تعالى: واسجد واقترب، وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اركعوا
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست