الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
كل حال يخرجه عن تناول اسم الماء بالإطلاق يحتاج إلى دليل، ولأن من شر به وقد حلف أن لا يشرب ماء يحنث بلا خلاف وهذا يبطل قوله. ولا يجوز الوضوء بغير الماء من المائعات نبيذ تمر كان أو ماء ورد أو غيرهما بدليل الاجماع المذكور وظاهر قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا، لأنه يقتضي نقلنا عن الماء إلى التراب من غير واسطة. ومن أجاز الوضوء بغير الماء فقد جعل بينهما واسطة وزاد في الظاهر ما لا يقتضيه.
والوضوء بالماء المغصوب لا يرفع الحدث ولا يبيح الصلاة بالإجماع، وأيضا فالوضوء عبادة يستحق بها الثواب، فإذا فعل بالماء المغصوب خرج عن ذلك إلى أن يكون معصية يستحق بها العقاب فينبغي أن لا يكون مجزئا، ولأن نية القربة فيه مندوب إليها بلا خلاف والتقرب إلى الله تعالى بمعصية محال.
ولا يجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات، وهو قول الأكثر من أصحابنا ويدل عليه أن حظر الصلاة وعدم إجزائها في الثوب الذي أصابته نجاسة معلوم فمن ادعى إجزاءها فيه إذا غسل بغير الماء فعليه الدليل، وليس في الشرع ما يدل على ذلك، وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة من الصلاة يقتضي ما ذكرناه لأنه لا خلاف في براءة ذمة المكلف من الصلاة إذا غسل الثوب بالماء، وليس كذلك إذا غسله بغيره، ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله ص لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب: حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء، وظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب. ولا يجوز التحري في الأواني وإن كانت جهة الطاهر أغلب بالإجماع، ولأن المراد بالوجود في قوله تعالى:
فلم تجدوا ماء، التمكن من استعمال الماء الطاهر، ولهذا لو وجده ولم يتمكن من استعماله إما لعذر أو فقد آله أو ثمن جاز له التيمم. ومن لا يعرف الطاهر بعينه ولا يميزه من غيره غير متمكن من استعماله.
وأما التراب فالذي يفعل به التيمم، ولا يجوز إلا بتراب طاهر، ولا يجوز بالكحل ولا بالزرنيخ ولا بغيرهما من المعادن ولا بتراب خالطه شئ من ذلك بالإجماع وقوله تعالى:
فتيمموا صعيدا طيبا، والصعيد هو التراب الذي لا يخالطه غيره ذكر ذلك ابن دريد وحكاه عن أبي عبيدة وغيره من أهل اللغة، والطيب هو الطاهر.
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست