الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٨٤
واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون، لأن المعنى إما أن يكون افعلوا ذلك على رجائكم الفلاح به وإما أن يكون افعلوه لكي تفلحوا.
ودليل مدحه سبحانه على ذلك ووعده الثواب عليه قوله: ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته، فأخبر سبحانه عن باطنهم وما نووه من التقرب بالطاعة إليه ومدحهم على ذلك ووعدهم الثواب عليه، فإن كان الوضوء واجبا بأن يكون وصلة إلى استباحة واجب تعين نوى وجوبه على الجملة أو الوجه الذي له وجب. وكذا إن كان ندبا ليميز الواجب من الندب ويوقعه على الوجه الذي كلف إيقاعه عليه.
ويجوز أن يؤدى بالوضوء المندوب الفرض من الصلاة بالإجماع المذكور ومن خالف في ذلك من أصحابنا غير معتد بخلافه.
والفرض الثاني: الذي يقف صحة الوضوء عليه مقارنة آخر جزء من النية لأول جزء منه حتى يصح تأثيرها بتقدم جملتها على جملة العبادة، لأن مقارنتها على غير هذا الوجه بأن يكون زمان فعل الإرادة هو زمان فعل العبادة أو بعضها متعذر لا يصح تكليفه أو فيه حرج يبطله ما علمناه من نفي الحرج في الدين، لأن ذلك يخرج ما وقع من أجزاء العبادة ويقدم وجوده على وجود جملة النية عن كونه عبادة من حيث وقع عاريا من جملة النية، لأن ذلك هو المؤثر في كون الفعل عبادة لا بعضه. والفرض الثالث: استمرار حكم هذه النية إلى حين الفراع من العبادة، وذلك بأن يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها بالإجماع، وإذا كانت المضمضة والاستنشاق أول ما يفعل من الوضوء فينبغي مقارنة النية لابتدائهما لأنهما وإن كانا مسنونين فيهما من جمله العبادة ومما يستحق به الثواب ولا يكونان كذلك إلا بالنية على ما بيناه.
والفرض الرابع: غسل الوجه، وحده من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست