الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
كثيرا على ما قدمناه بالإجماع، وأيضا فلا خلاف بين الصحابة والتابعين في أن ماء البئر يطهر بنزح بعضه وهذا يدل على حكمهم بنجاسته على كل حال من غير اعتبار بمقداره وأن حكمه في ذلك بخلاف حكم ماء الأواني والغدران، ولا يمتنع أن يكون الوجه في اختلاف حكمها أن ماء البئر يشق نزح جميعه لبعده عن الأيدي ولتجدده مع النزح، وليس كذلك ماء الأواني والغدران، ولهذا وجب غسل الأواني بعد اخراج الماء منها لما تيسر وسقط ذلك في الآبار لما تعذر، وإذا خفف حكم البئر بالحكم بطهارة مائها عند نزح بعضه وأسقط إيجاب غسلها بخلاف الأواني والغدران فما المنكر من تغليظ حكمها من وجه آخر؟ وهو اسقاط اعتبار الكثرة في مائها وما جرى مجراها وهو إيجاب نزحها بخلاف الأواني والغدران، فقد صار ما غلظ به حكم الآبار وهو ترك اعتبار الكثرة في مائها ساقطا في الأواني والغدران وما غلظ به حكم الأواني وما جرى مجراها وهو إيجاب غسلها ساقط في الآبار وتساويا في باب التغليظ والتخفيف.
والواقع في البئر من النجاسات على ضربين: أحدهما تغير أحد أوصاف الماء والثاني لا يغيره.
فما غير أحد أوصافه المعتبر فيه بأعم الأمرين من زوال التغير وبلوغ الغاية المشروعة في مقدار النزح منه، فإن زال التغير قبل بلوع المقدار المشروع في تلك النجاسة وجب تكميله، وإن نزح ذلك المقدار ولم يزل التغير وجب النزح إلى أن يزول، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك والعمل عليه عمل على يقين.
وما لا يغير أحد أوصاف الماء على ضربين:
أحدهما يوجب نزح جميع الماء أو تراوح أربعة رجال على نزحه من أول النهار إلى آخره إذا كان له مادة يتعذر معها نزح الجميع، والضرب الآخر يوجب نزح بعضه.
فما يوجب نزح الجميع أو المراوحة عشرة أشياء: الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض ودم الاستحاضة ودم النفاس وموت البعير فيه، وكل نجاسة غيرت أحد أوصاف الماء ولم يزل التغير قبل نزح الجميع، وكل نجاسة لم يرد في مقدار النزح فيها نص.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست