الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٧٨
ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله ص: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرات، وفي خبر آخر: فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا، وهذا بظاهره أيضا يقتضي وجوب الثلاث من حيث لم يجز عليه الاقتصار على ما دونها، ولأن لفظه " أو " إما أن تفيد التخيير بين هذه الأعداد وتكون كلها واجبة على جهة التخيير وإما أن تفيد التخيير بين الاقتصار على الثلاث التي هي الواجبة وبين الزيادة عليها على جهة الندب، فإذا كان الأول باطلا بالإجماع لم يبق إلا الثاني.
والثعلب والأرنب نجسان بدليل الاجماع المذكور.
والكافر نجس بدليله أيضا، وبقوله تعالى: إنما المشركون نجس، وهذا نص. وكل من قال بذلك في المشرك قال به في من عداه من الكفار، والتفرقة بين الأمرين خلاف الاجماع.
وقول المخالف: المراد بذلك نجاسة الحكم غير معتمد لأن إطلاق لفظ النجاسة في الشريعة يقتضي بظاهره نجاسة العين حقيقة وحمله على الحكم مجاز واللفظ بالحقيقة أولى من المجاز، ولأنا نحمل اللفظ على الأمرين جميعا لأنه لا تنافي بينهما. وقولهم: لو كان نجس العين لما طهر بتجدد معنى هو الاسلام وانتفاء معنى هو الكفر باطل، لأن الخمر نجسة العين وتطهر بتجدد معنى هو الحموضة وانتفاء معنى هو الشدة. ولا يعاض ما ذكرناه قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، لأن لفظ الطعام إذا أطلق انصرف إلى الحنطة، ولا يمكن للمخالف إنكار ذلك لأن أبا حنيفة والشافعي اختلفا في من وكل وكيلا على أن يبتاع له طعاما فقال الشافعي: لا يجوز أن يبتاع إلا الحنطة، وقال أبو حنيفة: ودقيقها أيضا، ذكر ذلك المحاملي في آخر كتاب البيوع من كتابه الأوسط في الخلاف، وذكره الأقطع في آخر كتاب الوكالة من شرح القدوري وقال في الشرح: والأصل في ذلك أن الطعام المطلق اسم للحنطة ودقيقها. وإنما أحوجنا إلى ذكر مذهب المخالف في ذلك والإحالة على كتبهم إنكار من أنكره من جهالهم، على أنا نقول لو وقع لفظ الطعام بإطلاقه على غير الحنطة لحملناه عليها وعلى غيرها من الجامدات بدليل.
فأما ما عدا ما ذكرناه من الحيوان من ذوات الأربع والطير والحشرات فطاهر السؤر إلا أن يكون على فمه نجاسة، بدليل إجماع الطائفة وظاهر قوله تعالى: فلم تجدوا ماء
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست