قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: والذي يقوى في نفسي ويقتضيه أصول مذهبنا أنه يعيد الصلاتين معا الظهر والعصر لأن الوضوء الثاني ما استبيح به الصلاة ولا رفع به الحدث وإجماعنا منعقد على أنه لا تستباح الصلاة إلا بنية رفع الحدث أو نية استباحة الصلاة بالطهارة، فأما إن توضأ الانسان بنية دخول المساجد أو الكون على طهارة أو الأخذ في الحوائج، لأن الانسان مستحب له أن يكون في هذه المواضع على طهارة فلا يرتفع حدثه ولا استبيح بذلك الوضوء الدخول في الصلاة، وإلى هذا القول والتحرير يذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في جواب المسائل الحلبيات التي سئل عنها فأجاب بما حررناه فأما إن كان قد أحدث عقيب كل طهارة فإنه يجب عليه إعادة جميع صلاته.
ومقدار الماء لإسباغ الوضوء مد، وهو رطلان وربع بالعراقي، وللغسل صاع وهو أربعة أمداد يكون تسعة أرطال بالعراقي، ومن اغتسل أو توضأ بأقل من ذلك أجزأه بعد أن يقسمه في ثلاث أكف: كف للوجه وكفان لليدين، وقد روي أنه يجزئ من الوضوء ما جرى مجرى الدهن إلا أنه لا بد أن يكون مما يتناوله اسم الغسل ولا ينتهي في القلة إلى ما يسلب الاسم على ما قدمنا شرحنا له وحققناه.
باب أحكام الأحداث الناقضة للطهارة:
ما ينقض الوضوء على ثلاثة أضرب: أحدها ينقضه ولا يوجب الغسل، وثانيها ينقضه ويوجب الغسل، وثالثها إذا حصل على وجه نقض الوضوء لا غير، وإذا حصل على وجه آخر وجب الغسل.
فما يوجب الوضوء لا غير:
البول والغائط سواء خرج من الموضع المعتاد أو خرج من غير ذلك الموضع لقوله تعالى: أو جاء أحد منكم من الغائط، ولم يعين موضعا دون موضع،