مقتضى القاعدة في المقام وهي مسالة جواز الامتثال عقيب الامتثال وعدمه، فقد أفاد السيد الأستاذ - مد ظله - ان الالتزام بالجواز التزام بالمتناقضين، فان فرض الامتثال أولا فرض حصول الغرض في المأمور به باتيانه على وجهه، وفرض الامتثال الثاني عدم حصول الغرض بعد وهما متناقضان، وقد يقال بأنه بالامتثال يسقط داعوية الامر، فلا يعقل حينئذ الامتثال الثاني، ولكن التحقيق التفصيل بين ما لو كان الحكم المتعلق بالطبيعة مستفادا من لفظ دال عليه بالمفهوم الاسمي وبين ما كان مستفادا من الهيئة، ففي الأول يفصل بين الوجوب والاستحباب، فلو قال المولى: تجب الصلاة فمعناه الالزام بهذه الطبيعة، ومع الامتثال الأول يسقط الالزام لا محالة، قضية لتعلق الوجوب بالطبيعة ووفاء المأتي به بها، وهذا واضح لا يحتاج إلى برهان. ولو قال تستحب الصلاة فمعناه ان هذه الطبيعة محبوبة عند المولى مبعوثا إليها ندبا، وبما ان اطلاق هذا المعنى قابل للانطباق على الفرد الثاني أيضا كالفرد الأول فالاطلاق يقتضي جواز التعبد ثانيا بعد التعبد الأول. واما لو استفدنا الحكم من الهيئة كما إذا قال المولى صل، فلا يخفى ان دلالة هذه الصيغة على الوجوب ليست بالوضع ولا بالانصراف ولا بالاطلاق وجريان مقدمات الحكمة كما حقق في محله، بل بحكم العقل على أنها حجة على الوجوب حتى يظهر خلافه، وبحكم العقلاء كافة على تمامية الحجة على العبد مع صدور البعث من المولى ولزوم إطاعة العبد ما لم يرد فيه الترخيص، وعليه لم يظهر من ذلك ان البعث الزامي وان داعي المولى على البعث الإرادة الحتمية، بل حكم العقلاء والعقل على ذلك انما هو في مقام الامتثال بلا نظر إلى كيفية الجعل، وبما انه يمكن في مقام
(٨٧)