البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ٤١٧
بالسيرة العقلائية في المقام، والا فلا يمكن اثبات التعين من هذه الأدلة حتى من تلك الحيثية أيضا. فتلخص مما ذكرناه ان شيئا من أدلة الطرفين لا يتم. فلم يثبت لزوم الرجوع إلى الأعلم ولا جواز الرجوع إلى غيره من هذه الأدلة. نعم بناء على ما بنينا عليه من دليل التقليد وهو ان التقليد امر شرعي قامت عليه السيرة المتشرعية يمكن القول بالتخيير وجواز الرجوع إلى الأعلم، فان المتشرعة بما هم متشرعة والمتدين بالدين يرجع إلى العالم بالدين ويأخذ معالم دينه منه بشرط كونه ثقة أيضا كما يستفاد من الروايات السابقة أيضا. بل يمكن الاستدلال بتلك الراويات أيضا على ذلك، فان توصيف الرضا عليه السلام زكريا بن ادم بالمأمون على الدين والدنيا والارجاع اليه يدلنا على كفاية كون العالم بالدين المأخوذ منه معالم الدين مأمونا على الدين والدنيا. وهكذا الارجاع في التوقيع الشريف إلى رواة حديثهم يدل على كفاية ذلك، فعلى هذا يتم الدليل على جواز تقليد غير الأعلم، والله العالم وهو الموفق والمعين. ثم إنه لو فرضنا عدم صلاحية كل من الدليلين المثبت والنافي لاثبات مدلولهما فلابد من الرجوع إلى الأصل العملي. والمقام من صغريات باب الاشتغال لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية بمعنى المعذرية، فلابد من الرجوع إلى الأعلم. فان العلم الاجمالي بثبوت التكاليف الواقعية موجود فيجب الخروج العهدة اما علما واما بالاستناد إلى امارة علم بمعذريتها عن الواقع. والمفروض ان فتوى الأعلم معذر يقينا ولا يعلم بمعذرية فتوى غيره فيتعين الاستناد اليه، وهذا هو الحال في كل ما دار الأمر
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»