بوجوب تقليد الأعلم في هذه الصورة أيضا. نعم لو بنينا على ما قلناه في الصورة السابقة من السيرة المتشرعية فالحق عدم وجوب تقليد الأعلم في الصورتين، لكن الكلام على فرض تسليم وجوب تقليد الأعلم في الصورة السابقة وصرف النظر عن السيرة المتشرعية، وحينئذ تصل النوبة إلى الأصل العملي ومقتضاه وجوب تقليد الأعلم بلا فرق بين الصورتين. ولو قلنا بالاحتياط نقول به في الصورتين أيضا. هذا إذا علم الأعلم بشخصه، فإن كان مرددا بين شخصين أو لم يكن اعلم في البين بل كانا متساويين فالمعروف بين الأصحاب الحكم بالتخيير. ولكن قال سيدنا الأستاذ ج مد ظله ج: ان أدلة الحجية لا تشمل موارد التعارض فلا تثبت حجية أي منهما، فلابد للعامي الاحتياط حتى يقطع بالفراغ. لكن قد مر ان الدليل على التقليد هو السيرة المتشرعة على اخذ معالم الدين من أهله، ولا يفرقون بين وجود الأعلم وعدمه ولابين العلم بمخالفتهم في الفتوى وعدمه.
فما عليه المشهور هو المنصور. فمقتضى هذا الدليل التخيير في جميع الصور. ومما ذكرنا ظهر انه لا اعتبار للأورعية في وجوب الأخذ بالفتوى إذا كان الدليل غير الأصل العملي، وتمسكنا بالسيرة المتشرعية ما إذا كان الدليل الأصل، فإنه لابد من الاخذ بقول الأورع لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية بمعنى المعذرية. ولكنه أجاب شيخنا الأنصاري ج قدس سره ج عن الدوران بأنه إذا لم يكن لشئ دخل في ملاك الحجية فلا اثر لدوران الامر بين الحجية التعيينة والتخييرية والأوروعية من هذا القبيل، ولكن هذا الجواب غير واف بحل الاشكال من جهة دوران الأمر في ذلك مدار القطع والشك فان أحدهما مقطوع الحجية والاخر مشكوك الحجية، ودعوى عدم دخل الأورعية في ملاك الحجية بلا دليل فان الحجية بمعنى كون الشئ بحيث يكون قابلا للاحتجاج به،