ان الرواية حتى لو صح سندها لا تكفي لاثبات الردع، لان مستوى الردع يجب ان يتناسب مع درجة قوة السيرة وترسخها، ومثل هذه السيرة على العمل بخبر الثقة لو كان الشارع قاصدا ردعها ومقاومتها لصدرت بيانات عديدة من اجل ذلك كما صدر بالنسبة إلى القياس، لشدة ترسخ السيرة العقلائية على العمل بخبر الثقة وتركزها، ولما اكتفى باطلاق خبر من هذا القبيل. أقول: هذا صحيح الا انه مع تسليم قيام السيرة على العمل بالخبر في الشبهة الموضوعية والا فتبقى رواية مسعدة على حجيتها، فلو دل دليل لفظي من الشرع على حجية الخبر في الموضوعات يقع التعارض بين هذه الروايات ورواية مسعدة، فلابد من الجمع الدلالي أو العلاج، والا فلا بد من العمل بالرواية. قال: (الثالث) ان تحمل البينة في الخبر على المعنى اللغوي أي مطلق الكاشف فلا تكون الرواية رادعة، بل يكون دليل حجية الخبر محققا مصداقا للبينة، وهذا بعيد. إلى أن قال: (الرابع) ان الغاية في خبر مسعدة مشتملة على عنواني الاستبانة المساوقة للعلم، والبينة. ودليل حجية الخبر ج وهو السيرة ج يجعل خبر الواحد علما بالتعبد، فيكون مصداقا للغاية، ومعه لا يعقل الردع عنه باطلاق المغيى. ويرد عليه (أولا) ان هذه الحكومة سنخ ما يدعى في الأصول من حكومة دليل حجية الخبر على الآيات الناهية عن العمل بالظن لاقتضائه كون الخبر علما. وقد أجبنا هناك بأن مفاد الآيات هو النهي عن العمل بالظن ارشادا إلى عدم حجيته، فإذا كانت الحجية بمعنى جعل الامارة علما فمفاد الآيات نفسه هو نفي العلمية التعبدية عن الظن، فيكون في عرض دليل الحجية، ولا يعقل حكومة هذا الدليل عليه. ونفس هذا الكلام يأتي في المقام لان مفاد خبر مسعدة هو حصر الحجة بالعلم
(٣٦٥)