البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ٣٦٤
السلام في صدر الاسلام محرز لعدم نقل ما يدل على الردع، ويكشف ذلك عن الامضاء حدوثا. فإذا أوجب خبر مسعدة عن الصادق عليه السلام الشك في نسخ ذلك الامضاء الثابت في أول الشريعة جرى استصحابه. أقول: من أين أحرزتم ذلك؟ ومجرد عدم نقل ما يدل على الردع لا يوجب الاحراز حتى يتم أركان الاستصحاب. مضافا إلى أن الامضاء المستفاد من عدم الردع لا يوجب كون الحجية من الأحكام الشرعية بل عقلائي على الفرض لم يردع عنه الشارع فيمكن الاحتجاج به حينئذ عقلا، وعلى ذلك لو كانت الحجية مجرى الاستصحاب فهذه ليست بحكم شرعي ولا موضوع له، ولو كان المستصحب غيرها كالامضاء ونحوه، فمضافا إلى الاشكال المذكور يكون الاستصحاب مثبتا، هذا ويظهر مما ذكره رحمه الله انه سلم الردع مع قطع النظر عن هذا الاستصحاب. والصحيح ان مجرد احتمال الردع لا يوجب سقوط السيرة عن الحجية لو فرض وجودها، والا لم يمكن التمسك باي سيرة عقلائية، فان باب الاحتمال واسع. الا ترى انهم يستدلون بالسيرة العقلائية في باب المعاطاة وفي باب رجوع الجاهل إلى العالم مع أنه يحتمل ردع الشارع عنها. والوجه في ذلك بتقريبين: 1 - التمسك بنفس السيرة، أي ان السيرة قائمة على العمل بالخبر أو المعاطاة أو رجوع الجاهل إلى العالم حتى مع احتمال ردع الشارع عنها وهي حجة الا إذا ثبت الردع، والا فالكلام بعينه. 2 - السيرة بنفسها حجة مع عدم الردع وردع الشارع حجة توجب هدم حجية السيرة، فمع قيام السيرة على شئ واحتمال الردع قامت الحجة عليه، ولم نحرز قيام حجة هادمة لحجيتها، ولا يجوز عقلا رفع اليد عن الحجة بمجرد احتمال قيام الحجة الهادمة. وبعبارة أخرى ليس عدم الردع دخيلا في الحجية، بل الردع هادم للحجية، فرفع اليد عن السيرة بمجرد احتمال الردع رفع لليد عن الحجة بغير الحجة، وهو احتمال الهدم. قال: (الثاني)
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»