البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ٢٣٠
وتمام الكلام في محله، بخلاف الأمر الظاهري فإنه لا يجزي عن الواقع، والعقل يحكم بلزوم الجري على تلك المطلوبية أو المبغوضية الثابتة بالاجماع والضرورة، ونتيجته لزوم الامتثال ولو قضاء، فان القضاء وإن كان بأمر جديد الا ان ظاهر دليله ان مطلوبية القضاء مرتبة من مراتب مطلوبية نفس الطبيعة، أي الثابت في مورد القضاء نفس ما ثبت في مورد الأداء، غاية الأمر سقط بعض مراتبه. ومما ذكرنا ظهر الحال في الأحكام الوضعية فإنها عامة للجاهل والعاجز لوجود المقتضي وعدم المانع. نعم حيث إنه قد يجعل ذلك استقلالا وقد يجعل تبعا فلابد من ملاحظة لسان الدليل، فمع كونه بلسان البعث والزجر فالنتيجة وإن كان جعل الشرطية والجزئية مثلا الا انهما منتزعان من مدلول ذلك الدليل وهو البعث نحو شئ اخر أو لشئ اخر، فيجري فيه ما ذكرنا في التكاليف النفسية. وحاصل ما ذكرنا ان ما بنى عليه المحقق القمي ج رحمه الله ج من عدم فعلية الشرطية أو المانعية يتم بالنسبة إلى نفس البعث أو الزجر الراجع إلى اللبس مع بقاء أصل المطلوبية أو المبغوضية ولو قلنا بالمعذورية في الترك * * * الأصول العملية فقد يستدل على ذلك بقاعدة الحلية بتقريب ان الشك في اللباس مسبب عن الشك في أن الحيوان المأخوذ منه ذلك هل هو حلال أكل لحمه أو حرام أكل لحمه، وكل شئ لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه. فبجريان هذا الأصل ينقح موضوع جواز الصلاة وهو لبس محلل الأكل أو عدم لبس محرمه. وقد أشكل المرحوم النائيني ج قدس سره ج على ذلك بوجوه:
الأول: ان قاعدة الحلية انما تجري في شئ له واقع شك في حليته وحرمته وفي المقام لاشك كذلك، فان الحيوان المأخوذ منه اللباس مردد بين فردين محلل الأكل جزما ومحرم الأكل قطعا، وعنوان أحدهما لا واقع له حتى يحكم بحليته فلا يجري الأصل. ولكن لا يمكن
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»