البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ٢٣٣
المقدسة سابقا حتى يستصحب. وما هو المتيقن سابقا العدم المحمولي وليس بموضوع للأثر، والتمسك باستصحاب العدم المحمولي لاثبات العدم النعتي مثبت فلا يجري هذا الاستصحاب.
والجواب عن ذلك ان الأحكام الثابتة في الشريعة المقدسة لم تجعل من أول انعقادها بل انما جعلت تدريجا، فنعلم ان في أول انعقاد الشرع لم يجعل الحرمة للحيوان فيستصحب عدم الجعل في نفس الشرع، فالمستصحب العدم النعتي والمفروض انه الموضوع للأثر.
الثاني: ان الأصل المذكور معارض لأصالة الإباحة فان كلا من الحرمة والإباحة حكمان مجعولان حادثان مسبوقا بالعدم. والجواب عن ذلك: (أولا) ظهر مما تقدم، فانا نعلم بإباحة أكل الحيوان في أول الشرع فالمستصحب هو الإباحة لا عدمها. (وثانيا) ان موضوع الأثر في المقام حرمة الأكل وعدمها كما مر في بيان ما يستفاد من موثقة ابن بكير لا اباحته وعدمها، فالاستصحاب غير جار في الإباحة في نفسه. الثالث: ان موضوع الأثر هو الحرمة الفعلية لا الانشائية، والفرق بينهما انه في الثاني مقام جعل الحكم والأول مرحلة المجعول ووجود الموضوع، فاستصحاب عدم جعل الحرمة ليس له اثر، والحرمة الفعلية غير متيقن سابقا فإنه ليس زمان علم فيه عدم حرمة الحيوان بعد وجوده، واستصحاب عدم الجعل لا يثبت عدم الفعلية الا على القول بالأصل المثبت. قال السيد الأستاذ في الجواب عن ذلك: ان مقام الجعل والمجعول لا يغير الحكم ولا ينوعه إلى نوعين، بل الحكم في مرحلة الفعلية هو الحكم في مرحلة الجعل. غاية الأمر انه في مرحلة الجعل جعل على الموضوع، ولو لم يكن موجودا بالفعل والموضوع في مرحلة الفعلية موجود بالفعل، فالموضوع الموجود محكوم بالحكم من الأول حتى قبل وجوده لعدم دخل وجوده في موضوعيته.
فعلى ذلك يمكن الإشارة إلى الموضوع الموجود ويقال ان هذا لم يجعل له الحرمة أي لم
(٢٣٣)
مفاتيح البحث: الأكل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»