المأمور به متعذرا، فالعذر في أول الوقت مع وجود المندوحة بعده غير مشمول لدليل الحاكم فيبقى اطلاق دليل الحكم الدال على لزوم الاتيان بالعمل تام الأجزاء والشرائط على حاله. ولن هذا أيضا لا يتم، فان الأمور به انما هو الطبيعي الصالح للانطباق على كل فرد، ومن الافراد الفرد المتعذر تطبيق الطبيعي التام عليه، فالمتعذر في أن التعذر انما هو نفس الطبيعي المأمور به، والفرد بخصوصيته الفردية غير متعذر لخروج المفردات عن دائرة الحكم نفيا واثباتا، وحينئذ لا يعقل تعلق الأمر به كتعلق دليل الحاكم به حرفا بحرف، فالمتعذر هو الطبيعي المطبق على هذا الفرد على نحو القضية الحينية لا بنحو يكون الزمان قيدا لمتعلق العذر حتى يقال بأن المكلف غير مضطر إلى هذا الفرد الناقص. وبعبارة أخرى: ان الالتزام بعدم شمول دليل العذر للفرد المتعذر مع وجود المندوحة مستلزم لتقييد دليل الحكم بغير ذلك الفرد تقييد دليل الحاكم بالعذر المستوعب، وكلاهما بلا موجب فالتحفظ على الاطلاقين يقتضي كون دليل الحاكم معمما لاطلاق دليل الحكم وحافظا له، أي كون المأتي به عذرا مصداقا للمأمور به مجزيا عنه وهو ما ذكرناه، والمتحصل منه جواز البدار لاولي العذار ومنها التقية. (وأما الثاني) وهي المدوحة بالنسبة إلى الافراد العرضية فحيث انه مع وجودها لا يصدق عنوان الاضطرار والعذر على الطبيعة المأمور بها ولو حينا ما، فلابد من الالتزام باعتبار عدمها في اتيان الفرد المتعذر والاجتزاء به. بيان ذلك: ان القدرة على امتثال التكليف صادق ولو بالقدرة على ايجاد مقدماته، فايجاد المقدمة اعمال القدرة في سبيل ايجاد المكلف به لا تحصيل لها، فالمكلف العاجز عن امتثال التكليف في مكان خاص
(١٧٧)