البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ١٨٨
ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى ان الله يحب ان يعبد في السر كما يحب ان يعبد في العلانية والمذيع لأمرنا كالجاحد له (1) ويقع الكلام في هذه الرواية تارة من جهة السند وأخرى من جهة الدلالة. اما من جهة السند فقد يقال: ان معلى بن خنيس لم يوثق بل هو مذيعا لأمرهم عليهم السلام كما يظهر من هذه الرواية ومن غيرها فلا يمكن الاعتماد على رواياته، الا ان التتبع في أحوال الرجل يشهد بأنه كان اماميا فضائليا محبا لهم عليهم السلام. نعم، كان ينشر فضائلهم ويبينها حتى في مورد التقية ولذا امره الإمام عليه السلام بالاخفاء والعبادة سرا لا أمرا مولويا بل ارشاديا إلى أنه يقتل كما في بعض الروايات، بل يعلم من استرحام الامام - بعد قتل معلى - له ان هذا التظاهر والإذاعة ليس امرا محرما وان صار سببا لقتله أيضا كما في مورد قتل ميثم.
فالانصاف ان ما ذكر قدحا للرجل فهو مدح له، على أن المعتبر في باب حجبة الرواية الوثاقة في القول لا في العقيدة وملاحظة أحوال المعلى ان لم تشهد بوثاقيته في العقيدة والقول تشهد بوثاقته في القول، فالرواية من جهة السند لا بأس بها. نعم، لا دلالة للرواية على الاجزاء فان التقية ديني ودين آبائي لا تدل الا على مشروعية التقية، فان ذكر العنوان في الموضوع دال على دخله في الموضوعية، فالتقية بنفسها لا من جهة انطباقها على الحركة الفاعلية دين، وأين هذا من التقييد فضلا عن التنزيل.
واما يعبد في السر فأيضا لا تدل الا على المشروعية، فان المستفاد من ذلك ان السر ظرف للعبادة لا قيد لها بحيث تنوع العبادة إلى نوعين سري وغير سري. وحاصل ذلك: ان الله تعالى يحب ان يعبد في حالة الخفاء، وبما ان العبادة اخذت سابقة على وقوعه في ذلك الظرف فتدل الرواية على محبوبية العبادة

(1) الوسائل: ج 11 باب 24 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما حديث 23.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»